الامتنان

هل فكرت يوماً في أهمية الامتنان أو Gratitude - يجمع موقع «فهرس» تعريفات عدة للامتنان، منها تعريف كلية الطب بجامعة هارفارد بأن الامتنان هو تقدير لشيء ملموس أو غير ملموس، يدفع الناس إلى إدراك الخير في حياتهم، ويؤدي إلى تواصلهم مع ما هو أكبر من أنفسهم، وأتصور أن المقصود هنا هو إدراك عظمة الخالق وعظمة الكون الذي نعيش فيه، والامتنان هو حالة شاملة من التقدير والشكر لما هو ذو قيمة ومغزى للنفس، وهو عاطفة يشعر بها الفرد عند حصوله على فوائد قيّمة وغير متوقعة، حيث تجعلنا هذه العاطفة الاجتماعية نظهر إدراكنا لأفعال الآخرين تجاهنا. إن الامتنان هو رد فعل أو شكل من أشكال التقدير عند تلقّي هبة غير متوقعة، وهو فضيلة وإحدى المشاعر الإيجابية، يعود بالسعادة والفائدة على الشخص الممتن نفسه قبل أن يعود بالفائدة على الشخص الذي نشعر بالامتنان تجاهه.

إن الامتنان في المقام الأول والأخير يجب أن يكون لله عز وجل خالق الأكوان وسابغ النعم علينا جميعاً، على اختلاف أدياننا ومعتقداتنا وعلى اختلاف أفعالنا وقيمنا، فالمولى عز وجل هو أكرم الأكرمين، ليس لكرمه حدود ولا لعطائه منتهى «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها»، فعلينا أن نتفكر دائماً، بل كل يوم، في نعم الله علينا، من الصحة والعافية والرزق والمال والبنين والبصر والسمع والحواس كافة، ونعمة الاختيار في حد ذاتها أن أنعم الله علينا بأن نختار أي النجدين نسلك. ويمكن أن يكون الامتنان تجاه الوطن الذي احتوانا وأتاح لنا النمو والأمن والأمان وشكل وجداننا، كما يكون الامتنان لمكان عملنا الذي قدم لنا فرص التطور والارتقاء، وأنا شخصياً مازلت ممتناً لإحدى المؤسسات التي عملت بها من 2003 إلى 2006 حتى يومنا هذا، فقد أتاحت لي تلك المؤسسة وقيادتها تطبيق ما تعلمته في الجودة، بل ومكافأتي على كل عمل قمت به مكافأة مادية ومعنوية، ومازلت مديناً لها على الرغم من اندماجها في مؤسسة أخرى وعدم وجودها حالياً.

يكون الامتنان أيضاً لمن علّمونا، أساتذتنا وموجهينا وأصدقائنا، وكل من علّمنا شيئاً سواء بقصد أو من دون قصد. ومن أهم من يجب أن نظهر امتناننا تجاههم والدينا الذين لم يوفروا أي جهد أو طاقة لجعلنا أفضل منهم، والامتنان لشريك أو شريكة الحياة على تحمّل الصعاب معنا والتغاضي عن أخطائنا ونواقصنا، بل وجبرها وإظهارنا دائماً في أحسن صورة، ويشمل الامتنان أبناءنا زينة حياتنا، وكذلك أصدقاءنا وجيراننا وكل من قدّم لنا يد العون ووضع ابتسامة على شفاهنا. لقد أظهرت نتائج دراسة أجراها ماكراتي وزملاؤه (1998) على أشخاص تم تعليمهم كيفية تنمية الشعور والتعبير عن الامتنان، أن هؤلاء الأشخاص لديهم مستويات منخفضة من التوتر، وطلب من المشاركين ولمدة أسبوع، كتابة رسالة امتنان إلى شخص أظهر اللطف تجاههم، ولكن لم يشكروه بشكل كافٍ، وتسليمها له شخصياً، أظهرت النتائج أن من كتبوا هذه الرسائل شعروا بسعادة أكبر لمدة شهر بعدها. أخيراً، أود أن أشكر زميلتي الدكتورة روزانا هوك Rozana Huq، فقد استقيت فكرة المقال من اهتمامها وأبحاثها حول موضوع الامتنان.

• الامتنان هو ردّ فعل أو شكل من أشكال التقدير عند تلقّي هبة غير متوقعة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

 

الأكثر مشاركة