5 دقائق

الرطينة (2)

عبدالله القمزي

نشكو كثيراً من «الرطينة» على ألسنة أطفالنا والجيل الجديد، وضعف اللغة العربية بينهم، ونبحث عن أي شيء لنلومه إلا أنفسنا، فنحن غير مخطئين، ولا نريد تحمّل أية مسؤولية.

رأيت إماراتية تتحدث مع أطفالها بلغة إنجليزية مكسرة في الجمعية، ورأيت أخرى عربية تفعل الشيء نفسه في مركز تجاري، وهو أكثر مشهد استفزني.

لو سألت أي والد أو والدة طفل سيقولان غالباً إن البيئة التي نعيشها تفرض استخدام اللغة الإنجليزية. نعم ذلك صحيح، لكن البيئة لا تفرض استخدام الإنجليزية في المنزل مثلاً، ولا تفرضها في الجمعية، ولكن نعم قد تفرضها في المؤسسات التعليمية.

لا أعترض على التدريس باللغة الإنجليزية، فهي غدت ضرورة في هذا الزمن، لكن ما المبرر عندما يتحدث والدان عربيان مع أبنائهما بالإنجليزية؟

قابلت منذ سنوات عدة امرأة بريطانية متزوجة من إماراتي، وأبناؤها في الثلاثين من عمرهم اليوم. قالت لي إنها عانت مع أهل زوجها، لأنهم لا يريدون التحدث مع أبنائها بالعربية، وهي تصر على إتقان أبنائها العربية، لأنها - حسب كلامها - لا تريد أن يكون أبناؤها أقل من أقرانهم، ولا تريد أن يدعي أحد أنها تعمّدت عدم تعليم أبنائها العربية. فهي عاشت هنا، وتعلم تماماً كيف يفكر المجتمع.

امرأة أميركية تعمل في السلك التربوي، ومتزوجة من إماراتي، وتعاني هي الأخرى المشكلة نفسها مع أهل زوجها، فتقول عند زيارتهم إنها الفرصة الوحيدة للأبناء لممارسة العربية خارج المنزل، ولكنها تفاجأ عندما يتحدثون معهم بالإنجليزية.

وأضافت: لا أريد أن يصاب أبنائي بعقد نفسية بسبب ضعف العربية، زوجي عربي، وأعيش في دولة عربية، فلماذا يتحدثون معهم بالإنجليزية؟ لو كنت متزوجة من إيطالي فإن أهله سيتحدثون مع أبنائي بالإيطالية، ولو كانوا يعيشون في أميركا. ليس هناك أي مبرر للتحدث مع أطفال والدهم عربي باللغة الإنجليزية.

من الواضح أن الخلل داخل مجتمعنا، بسبب بعض الأفراد الذين يعانون انعدام الثقة بأنفسهم وهويتهم وثقافتهم، ولا يدركون أن قيمة المجتمع تقاس بالثقافة السائدة بين أفراده.

موقف

أصرت المرأة الأميركية المذكورة في المقال على أن يدرس ابنها في دبي، وأن يتزوج من إماراتية، حرصاً ورغبة منها في تمسكه بثقافة محلية عربية. قارنوا بينها وبين تلك التي تتحدث مع أبنائها بإنجليزية مكسرة. أليس واقعنا مخجلاً؟!

• رأيت عربية تفعل الشيء نفسه في مركز تجاري وهو أكثر مشهد استفزني.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  
 

تويتر