5 دقائق

«إيستي لودر» رائحة النجاح

الدكتور علاء جراد

إن دراسة تجارب الفشل والنجاح مصدر رئيس من مصادر التعلم للأفراد والمؤسسات، وهناك شريحة من البشر تركوا بصمة كبيرة على عالمنا، سواء من حيث ابتكار منتجات أسعدت العالم وأضفت عليه لوناً ورائحة، أو من حيث ابتكار وترسيخ أسس ريادة الأعمال الحقيقية. مقال اليوم يتحدث عن إيستي لودر Estee Lauder «لم أحلم أبداً بالنجاح. لقد عملت من أجله» إحدى مقولات إيستي لودر، مؤسسة الشركة التي تحمل اسمها، ويعمل بها أكثر من 60 ألف موظف. كانت إيستي ذات رؤية في ريادة الأعمال، وأثبتت أن كل شيء ممكن إذا كنت تجرؤ على الحلم وكانت لديك الشجاعة لتحقيق ذلك. كانت إيستي سابقة لزمانها في كل شيء نقوم بتدريسه اليوم في إدارة الأعمال، أنشأت وأدارت واحدة من أكثر الشركات المرموقة والمبتكرة في العالم، وقد فعلت كل ذلك بسحر وروح دعابة وأسلوب رائع تحدّث عنه كل من تعامل معها.

بدأت السيدة إيستي لودر عملها بأربعة منتجات للعناية بالبشرة، معتمدة على قناعة بسيطة، وهي أنه يمكن لكل امرأة أن تكون جميلة بشكل أو بآخر، وبالإصرار والمثابرة، غيرت إيستي وجه صناعة مستحضرات التجميل. ولدت في نيويورك عام 1908 لوالدة مجرية ووالد تشيكي، وبدأ اهتمامها بالجمال في المدرسة الثانوية عندما جاء خالها المجري للعيش مع أسرتها وصنع بعض الكريمات للبشرة، أولاً في المطبخ، ثم في المختبر في إسطبل بالحديقة الخلفية.

في عام 1946، أطلقت هي وزوجها جوزيف لودر الشركة رسمياً، وكان لديها غريزة فطرية لمعرفة ما تريده النساء، وكانت هي البائعة والمسوقة. كانت تؤمن بأنه لإجراء عملية بيع يجب عليك لمس عاطفة المستهلك وإظهار النتائج فعلياً، وشرح المنتجات بوضوح، وكانت تلك بداية خدمة High-Touch الشخصية للشركة.

كانت أول من أدخل فكرة «الهدية مع الشراء»، حيث قدمت هدايا كثيرة للزبائن وعينات مجانية، ولم تكن الشركات الآخرى تفعل ذلك، فنقلت هذه الفلسفة إلى آفاق جديدة، ورفعتها لتصبح ممارسة قياسية في الصناعة. حضرت بنفسها افتتاح كل متجر جديد تقريباً، وكانت تبقى لمدة أسبوع لإرشاد مستشاري التجميل حول تقنيات البيع وعرض البضائع.

وقبل عقود من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، نفذت إيستي حملات ترويج شفهية، وكانت تعتقد أن النساء اللواتي يعجبن بمنتجاتها سينشرن الكلمة. ومن هنا آمنت بما ندرسه الآن Word of Mouth أو قوة الكلمة في مجال التسويق. من مقولاتها الشهيرة: «لم ينجح أحد أبداً دون المخاطرة؛ يجب أن يكون المرء قادراً على التعرف إلى اللحظة واغتنامها دون تأخير». ومما اشتهر عنها أيضاً رفضها الاستماع إلى الخبراء أو قبول أي شيء أقل من الأفضل. لقد تحدت باستمرار الوضع الراهن والتفكير في المستقبل. كانت إيستي لودر رائدة أعمال بارزة وذات طراز فريد، وبصفتها سيدة أعمال ذات رؤية، تم تكريمها بالعديد من الجوائز خلال حياتها المهنية، أهمها حصولها على وسام جوقة الشرف الفرنسي. وقد دعمت العديد من البرامج التنموية والثقافية، وغيرها من القضايا الخيرية، وتظل القيم الأساسية التي أسستها إيستي، مثل احترام الفرد، والنزاهة، والكرم، في صميم عمل شركتها إلى اليوم.

• لم ينجح أحد أبداً دون المخاطرة؛ يجب أن يكون المرء قادراً على التعرف إلى اللحظة واغتنامها دون تأخير.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر