مساحة ود

يومُها

أمل المنشاوي

تجدها في حكايات المساء جمالاً وحُسناً وقمراً ينير عتمة النفوس، ويبدد وحشة الأوقات.

تقرأها في الكتب والقصص المخبأة في القلوب والأدراج كنقش فرعوني عصي على الطمس أو النسيان.

ترى طيفها وذكراها والإحساس بها كلما نظرتَ إلى البحر، وتتساءل عن سرها وسره الأبدي وكأنها بعض من غموضه وتقلبات أمواجه.

تدور حولها القصائد المُعذبة، وأشعار المحبين، وأشواق المغتربين، وتتراءى في الأحلام والأغنيات، وعلى حافة الذكريات القريبة للنفوس، وتوقظ ذكراها ألف وجع في الصدور.

تفتح للسعادة كل فجر أبوابها، وتنشرها حولها، وتمتن للتقدير والاهتمام، ولو كان بسيطاً.

تشرق بها شمس الأيام عطاءً للكون بأكمله، عملاً وصبراً وتحملاً، وتتعلق بها عيون الكبار والصغار بحثاً عن الحماية والأمان.

تحفظ ملامحها الطرقات غدواً وإياباً وهي تشارك بلا كلل أو ملل في الأوقات العسيرات، ويسع قلبها الصغير العالم حباً وحنواً فيمتن لها وهي تطوّع بتفاؤلها كل الصعاب.

تترقبها الطيور في شُرفات البيوت، وتعرف طلتها، وتدرك إنسانيتها، وهي تنثر حبات القمح، وتسكب الماء رحمة بها من حر الصيف.

تخشى على أحبتها، وتقاتل من أجلهم، وتفتح لهم أبواب الحياة، ولو كان المقابل حياتها، دون انتظار شكر أو ثناء.

تستند على قوتها البيوت، فتظل عامرة مفتوحة بالخير والحب والإيثار، لتثبت أن كل الأيام يومها، وتُذكّر العالم بنضال وصلابة من سبقنَها، حين واجهن القمع في أوروبا لسنوات، حتى تحققت مطالبهن بتخفيض ساعات العمل، والتصدي لاستغلال أصحاب المصانع.

الثامن من مارس كل عام، الذي يصادف يوم المرأة العالمي، ليس مجرد تاريخ لذكرى مريرة على قلب كل امرأة، أو مناسبة للاحتفال أو لتبادل التهاني، بل هو فرصة لإعادة التأكيد على حقوقها الأزلية، التي كفلها رب العالمين قبل أن تمنحها لها الدساتير والقوانين.

المرأة شريك حقيقي في الأرض ولرحلة الحياة، أماً حانية وزوجةً مُحبةً وأختاً عطوفةً وابنةً تنفتح لها القلوب والأحضان، كرمنا الله وساوى بيننا وبين الرجال في الأجر والثواب، وأصّل ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حين قال «استوصوا بالنساء خيراً»، و«خيركم خيركم لأهله».

النساء «شقائق الرجال»، ونصف القلب الآخر، ومتكأ الأوقات العصيبة، وبهجة البيوت، وسر سعادتها وراحتها، بهن تتأسس الأسر، وتُبنى الأمم، ويحل الخير أينما حللن، فكل يوم وكل نساء الأرض سالمات وبألف خير.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر