مساحة ود

مفتاحهن اللين

أمل المنشاوي

القويات، أولئك اللواتي يشرعن كل صباح ألف يد في مواجهة الحياة،

ويجابهن بجميل الصبر عثرات الطريق، ويخفين خلف التماسك ألف ضعف، وألف خوف.

أولئك اللواتي يحملن الأعباء بلا كلل، ويقدسن العمل، ويعرفن قيمة الوقت، ويعترفن بالجميل، ويقدرن الآخرين دون انتظار شكر أو ثناء.

القويات، أولئك اللواتي ينهضن بعد كل كبوة، يلملمن شظايا النفس وبقايا الأحلام، ويعدن ترتيب الأيام، ويُكملن الطريق على مشقته.

يكرهن الشكوى، ويكتمن ما بهن، وإن ضاقت صدورهن، ويحاربن بحسن الظن والتفاؤل أحزان العالم وكآبته.

القويات، صاحبات قلوب بيضاء، يطيب خاطرهن بكلمة، ويهدأنَ بكلمة، ويتغافلنَ عن الأخطاء، ويقبلنَ الأعذار، لكنهن عنيفات إذا استهان بهن جاهل، أو حاول أن ينال منهن وضيع.

القويات يتكئن على أنفسهن مهما ضاقت ضلوعهن، يستوعبنَ من حولهن بأريحية، ومستعدات طوال الوقت لقتال العالم دفاعاً عمن يحببن، ثم ينزوين وحيدات يضمدن الجراح.

قادرات على حمل المسؤولية، والقيام بأكثر من دورٍ في الوقت ذاته، لديهن دائماً حلم مختلف كل صباح، وطموح يطال السماء. يتحملن الأوجاع في صمت، ويبحثن عن الحلول ولا يتباكين على سوء حظ أو خذلان صديق. صبورات في العسر، يعرفن جيداً ألا شيء يدوم، لذا ينجحن في تبديل الأحوال دائماً إلى الأفضل. أمهات ينرن البيوت، وأخوات يطيبن الخاطر، وزوجات يسعدن القلب، وبنات ينشرن البهجة في كل الأوقات.

واقعيات يطرقن بلا كلل على باب الأيام حتى تبتسم، ويعرفن جيداً أن الاجتهاد والسعي طريق الوصول، وليس المصادفات وحدها أو الأمنيات.

القويات يجدنَ فن الحوار، وتجاوز الصغائر، والتماس الأعذار، يبقين على الود، ويحفظن العهد، لكنهن لا يلتفتن للخلف إن قررنَ الرحيل. يستمعن باهتمام ويبدين الرأي الصائب، ويكتمن الأسرار ترفعاً عن أذى الغير، وحفاظاً على سلام النفوس.

القويات يكرهن الظلم، وتأبى نفوسهن الضيم، ومن الحماقة محاولة تطويعهن بالقوة، أو انتقاص حقهن في الاعتراض أوقول لا. فالقويات عصيات على الكسر مهما واجهن، ومفتاحهن الوحيد اللين، وحسن التقدير.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر