5 دقائق

اتجاهات عام 2022: إصلاح الفوضى

الدكتور علاء جراد

22 اتجاهاً لعام 2022.. هو عنوان وموضوع تقرير مهم قامت بكتابته ماريان سالزمان Marian Salzman الشخصية المعروفة في الولايات المتحدة كخبيرة في تحديد الاتجاهات واستشراف المستقبل، وهي أيضاً نائب الرئيس الأول في شركة «فيليب موريس». التقرير شيق لدرجة كبيرة، وسأحاول تسليط الضوء على بعض الاتجاهات، ونبدأ بالاتجاه الأول وربما التحدي الأول في عام 2022 وهو إصلاح الفوضى، وكلمة فوضى تعتبر كلمة بسيطة لمجموعة كاملة من التعقيدات والمشكلات الصعبة التي مر بها العالم منذ ظهور فيروس «كوفيد-19»، تعقيدات أكثر مما يستطيع الدماغ البشري فهمها ولا التعامل معها، لقد أدى تردي الوضع الاقتصادي لسقوط الأنظمة الصحية في بعض الدول، كما أغلقت شركات كثيرة أبوابها، خصوصاً في القطاع السياحي وقطاع الطيران، وتأثرت نسب القبول في الجامعات الدولية واتجه الكثيرون للدراسة من المنزل، كما ظهرت حزمة جديدة من المشكلات النفسية والاجتماعية.

نحتاج إلى اعتماد طرق جديدة للتفكير والعمل، كما نحتاج إلى نوعين من التعلم؛ النوع الأول هو تعلم مهارات وسلوكيات جديدة، ويمكن أن نطلق عليه «تعلم جديد»، أما النوع الثاني وربما يكون أسهل هو عدم تعلم أشياء جديدة بل «محو التعلم» أي التخلص من بعض السلوكيات والأفعال الحالية، وهذا لن يكلف الكثير ولا يحتاج إلى مجهود كبير، والعائد منه كبير بل ربما يعود علينا بتحسن ما بين 30-40% كأن يتم توفير النفقات أو زيادة الإيرادات، أو زيادة الإنتاج. يمكن للمؤسسات والحكومات الوصول إلى أساليب جديدة في العمل تخدم البيئة وتساعد على رفع جودة الخدمات المقدمة للناس، سواء خدمات صحية أو تعليمية... إلخ، كما يمكن أيضاً التوقف عن استهلاك الورق والموارد غير المتجددة، أمّا على مستوى الأفراد والمجتمعات فيمكن اكتساب تعلم جديد، ما يساعد على تحسين فرص العمل أو تحسين الأعمال الحرة، كما يمكن أن يتعلم الأفراد التوقف عن الإنفاق غير المبرر والتبذير، حيث قد يحسن ذلك الوضع المالي في ظل الزيادات المتسارعة في الأسعار على مستوى العالم.

نأمل أن يكون هناك أشخاص مسؤولون ومدفوعون بالتعلم في كل مؤسسات الأعمال والمؤسسات الحكومية، كما يتمتعون بالذكاء الكافي للسيطرة على الفوضى وإعادة الأمور إلى نصابها. ومن ناحية أخرى ربما نحتاج إلى إعادة ضبط توقعاتنا. يجب أن نتقبل فكرة أن التعقيد هو القاعدة، وسيصبح الغموض هو السمة الغالبة في المستقبل، فعلينا التعايش مع ذلك، وأن نجد طرقاً للحفاظ على ثباتنا وإيماننا وجلب الهدوء والسكينة لأنفسنا، فالقلق هو الوضع الطبيعي الجديد، لذلك فالعلاجات والشعارات التقليدية مثل الرسائل المبهجة من نوعية «لا تقلق، كن سعيداً» و«الحياة حلوة»، لن تجدي، حتى إن أخصائيي علم النفس الإيجابي وأخيراً ما يسمى بالسعادة لن يستطيعوا إسعاد أنفسهم في المقام الأول، فالموضوع أكثر تعقيداً ويحتاج إلى عمل حقيقي ومنهجي، وليس ترديد «أكلاشيهات» محفوظة لا تغير الواقع الذي يغذي القلق. وللحديث بقية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر