5 دقائق

كنوز السينما ليست على نتفليكس

عبدالله القمزي

سألني صديق في عمري: ما جديد «نتفليكس»؟ قلت له لا أعلم، وكأنك تسألني ما الجديد على أرفف الجمعيات التعاونية. قال غريب أنت غير ملم بالجديد في الأفلام. قلت له الحقيقة لست مهتماً بالموجود على نتفليكس لأنه لا يتناسب مع ذوقي.

في يوم آخر في بيت والدتي التقيت بإحدى قريباتي فسألتني إن كنت شاهدت «سبايدرمان» الجديد فأجبتها بالنفي. وسألتني عن فيلم كذا وكذا في نتفليكس فقلت لم أشاهد شيئاً مما ذكرتِه. سألتني ماذا تشاهد أنت؟ فأجبت: ما يناسب ذوقي فقط، أنا انتقائي. فقالت باستغراب: «شو حياتك»؟ ألا تشعر بأن الحياة تفوتك؟ وآثرت الصمت.

وفي مكان آخر حدثني صديق يكبرني بـ15 عاماً، أي في آخر الخمسين، بحماس شديد عن تفاصيل المسلسل الكوري الذي فجر منصة نتفليكس من كثرة المشاهدات، ثم عندما شعر بأني غير مهتم، سألني ألم تشاهده؟ قلت له لست بحاجة إلى ذلك. قال غريب، إلا أنت. وأجبت: القصة التي أخبرتني بها شاهدتها في مسلسلات سابقة.

وآخر أخبرني عن مسلسل شاهده على نتفليكس وسهر بسببه حتى الفجر ثم طلب مني أن أقترح عليه ما يشاهده. وبالطبع أبدى استغرابه عندما قلت له إن المحتوى لا يتناسب مع ذوقي.

لست مضطراً لشرح ذوقي، وهو أصلاً غير مهم للقارئ وليس موضوع المقال، ولكن هناك فرق بين من يبحث عن ترفيه مطلق ومن يريد الاستكشاف والتمعن. هناك فرق بين من يشاهد أفلاماً / مسلسلات لأجل قصص وشخصيات، وبين من يشاهد لفهم السياق العام لظاهرة معينة.

أنا أتابع أخبار شركة نتفليكس وتهمني كثيراً لأفهم كيفية نشأة وازدهار صناعة البث التدفقي (ستريمنغ) في هذا الزمن، أقول إن هذا الجانب يهمني أكثر من محتوى نتفليكس.

نتفليكس جمهورها المراهقون أو جيل الإنترنت، والكبار من جيلي والجيل الذي قبلي من الذين يستمتعون بسحر اختراع نتفليكس التي جلبت الأفلام إلى أجهزتهم الذكية أو اللوحية أو التلفاز الذكي، كلها بكبسة زر مقابل سعر زهيد.

يرى المراهق أنها اختراع عصره ويشاهد فيها أعمالاً تناسب سنه وذوقه، والكبار يشاهدون فيها أعمالاً لم تكن متوافرة لهم في أوقات سابقة من حياتهم.

مواقف

الشخص المذكور في الفقرة الأولى كان يقول لي منذ 10 أعوام إني أعيش في عالم خيالي ومنفصل عن الواقع عندما كنت أرتاد السينما أسبوعياً، ووقتها كانت هناك قصص إنسانية في السينما وليس قصص وحوش وروبوتات.

القريبة المذكورة في الفقرة الثانية كان عمرها عامين عندما كنت لا أفوت أي فيلم في السينما. وأما الخمسيني في الفقرة الثالثة فكان يسميني «فاضي» منذ 15 عاماً عندما كنت أشتري حزمة أقراص مسلسلي المفضل، والذي سهر على مسلسل حتى الفجر لم يكن يعرف اسم مسلسل واحد أجنبي عندما كنت أنا أسهر على مسلسلات حتى الفجر منذ عقدين.

أنا من الجيل الذي اعتاد مشاهدة كنوز السينما على أشرطة فيديو وأقراص DVD، لذا نتفليكس لم تؤثر فيني.

أقول: كنوز السينما ليست على نتفليكس، والفرق بين كنوز السينما وأعمال نتفليكس كالفرق بين مطعم هندي عريق وماكدونالدز!

• هناك فرق بين من يبحث عن ترفيه مطلق ومن يريد الاستكشاف والتمعن.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر