5 دقائق

معجزة «جيمس ويب» الكونية

الدكتور علاء جراد

شهد العالم هذا الأسبوع حدثاً استغرق 20 عاماً من العمل الدؤوب من قبل ثلاث وكالات فضاء، وهي وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) ووكالة الفضاء الكندية، هذا الحدث الذي يستحق عن جدارة أن يطلق عليه حدث تاريخي هو إطلاق التلسكوب «جيمس ويب»، عادة كانت مثل تلك التلسكوبات تستهدف البحث في ما يخص كوكب الأرض أو المريخ، ولكن الجديد اليوم هو أن هذا التلسكوب سيبحث في الكون، وسيحاول الوصول إلى تاريخ الكون خلال الـ13 مليار سنة الماضية، ربما شاهد البعض منا هذا الحدث في الأخبار، وقد يكون مرّ عليه مرور الكرام، ولكن النتائج المتوقعة ستكون مذهلة وربما صادمة، بل ربما تغير معتقدات ونظريات، وتمهد لفتوحات علمية لا يتخيلها البشر.

إن ما سيقوم به هذا التلسكوب يفوق كل أفلام الخيال العلمي، وكل ما قدمته «هوليوود»، ويكفي أن نعرف أن من إحدى مهام التلسكوب رصد بعض الأجرام الفلكية الأكثر بُعداً في الكون، وبعض الأحداث الفلكية والكونية مثل تكوُّن المجرات الأولى، والوصف التفصيلي للأغلفة الجوية للكواكب خارج النظام الشمسي، والتي يمكن أن يكون منها كواكب صالحة للحياة، كما سيقوم التلسكوب بالبحث عن الضوء المنبعث من النجوم والمجرات الأولى، والتي تكونت بعد الانفجار العظيم كما يعتقد جانب كبير من العلماء، وسيساعد عمل التلسكوب في فهم تكون النجوم وتطوّر الحياة.. ببساطة سيسهم في فهم نظام الكون.

قد يأتي هذا الفتح العلمي الذي تكلف مليارات الدولارات، واستغرق العمل فيه عقدين من الزمن بأخبار وحقائق علمية لا نتوقعها، قد يتم اكتشاف أمور تحتاج لتفسيرات دينية، وربما تظهر علوم جديدة، ومن لديه السبق في فهمها واكتسابها سيكون لديه ميزة نسبية قد تغير قواعد اللعبة في الصناعة وكل مناحي الحياة، هل علماؤنا ومؤسساتنا العلمية في العالم العربي مطلعة ومستعدة لفهم ما قد يجود به الكون على كوكبنا الجميل، الذي أسأنا إليه وقاربنا على تدميره، صحيح أن بعض الدول العربية مثل مصر والإمارات بدأت في الدخول لعالم الفضاء وفي الطريق لتوطين صناعة الفضاء، ولكن ماذا عن بقية الوطن العربي، وماذا عن مؤسساتنا التعليمية والبحثية؟ صناعة الفضاء لا تقتصر على استكشاف كواكب جديدة أو السياحة الفضائية، ولكن يندرج تحتها مهام الأقمار الاصطناعية والتي يمكن أن تأتي بخير كثير على شعوب الأرض، من حيث حل مشكلات مستعصية واستكشاف ومتابعة كوكبنا، فيمكن معرفة التغييرات الجغرافية مثلاً، ومعرفة أماكن الثروات البحرية، بل إن الأقمار الاصطناعية لها دور كبير في مكافحة الإرهاب.

الجميل في الموضوع هو إطلاق اسم James Webb على التلسكوب وقد كان مديراً لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» خلال 1961 – 1968، وقام بأعمال جليلة لـ«ناسا»، وكان له دور كبير في الكثير من المشروعات الفضائية الكبرى، ويدل ذلك على تقدير العلماء وتكريمهم لإسهاماتهم، ويعتبر هذا أحد أسباب التقدم العلمي والصناعي في الولايات المتحدة والدول الغربية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر