ملح وسكر

السيناريو القاسي

يوسف الأحمد

السقوط المؤلم الذي وقع فيه منتخبنا الوطني في دور ربع نهائي كأس العرب، جاء بمثابة الصدمة الموجعة، والنهاية المؤسفة التي لم يتوقعها أغلب المتشائمين، إذ لم يحدث طوال تاريخ الأبيض ومسيرته تعرضه لتلك النتيجة في شوطٍ واحد، حتى وهو في أسوأ وأضعف حالاته، فمهما قست الظروف والأسباب كان بالإمكان أن يكون في أفضل من تلك الحال، وأن يخرج مرفوع الرأس.

رغم ظهور المنتخب المتباين في الدور الأول، ونَسْمة التفاؤل التي سادت بعد لقاء تونس، إلا أنه لم يخطر ببال أحد ذلك السيناريو القاسي، وذلك الاستسلام المجاني الذي لم يسجل إصابة واحدة في شباك المنافس كأقل تقدير لحفظ ماء الوجه وذر الرماد في العيون.

ومما لا شك فيه، أن هذا الفشل يُعد امتداداً للوضع المتأزم والنتائج الهزيلة منذ تصفيات المونديال، فتفاوت الأداء وتقلبه يعكس جانباً من عدم الثبات والانحدار الفني بعدما أصبح سمة متطبعة في شكل وصورة المنتخب التي زعزعت الثقة عند جماهيره، بما يجعلها دائمة القلق والشك، حتى وإن كان متفوقاً في بعض المناسبات الخجولة. وإزاء هذه النتائج ودرجة الغليان والغضب منها، إلا أنه لا يمكن إسقاط الذنب على أكتاف اللاعبين وحدهم، لاسيما أن الإمكانات والقدرات النسبية التي يتمتعون بها لا غبار عليها، فهي لا تقل كفاءة ومهارة عن نظيرتها لدى المنتخبات الأخرى، بما يمنحها القدرة والقوة على مجاراتها والتفوق عليها، لكن ثمة ما يُجمد تلك المقومات ويصيبها بالذبول من مشهدٍ إلى آخر، نتيجة أسبابٍ عدة، قد يكون أبرزها التعامل الفني ومدى كفاءة القراءة الملائمة لكل خصم، بالإضافة إلى نوعية وسرعة القرار عند التحولات التي تطرأ أثناء سير تلك المواجهات، والتي تتطلب بصيرة حاضرة، وتعاملاً حازماً لكبح تلك الشراسة التي تحصرنا أحياناً في منطقة ضيقة من المستطيل، وما تُولده من ضغطٍ وإرباكٍ للخط الخلفي، ثم خلخلة التحصين الذي يسهل اختراقه فيما بعد، وضربه من كل اتجاه. ومن هنا فإن العلاج لن يأتي بمسكنات موضعية بقدر ما يكون باستئصال المرض من جذوره، فنحن أمام وضعٍ كروي سقيم لم يعد فيه مجالاً للتنظير والتسويف، فإما إصلاحٌ جاد للمنظومة وإما فلا.

صحيح أن هناك رؤية مرسومة وأدوات متوافرة وقدرات حاضرة، لكن ذلك ينبغي توظيفه وتطويعه بعيداً عن طبقية الأندية ومخملية القرار التي أنهكت منتخبنا طوال السنين الماضية. نعم كان لقاء قطر مفصلياً وفرصةً للذهاب بعيداً، لكن ما الذي فعلته يا مارفيك؟

• لم يحدث طوال مسيرة الأبيض تعرضه لتلك النتيجة في شوطٍ واحد.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر