خارج الصندوق

مدينة الـ 20 دقيقة

إسماعيل الحمادي

مدينة الـ20 دقيقة.. ماذا تعرف عن هذه المدينة؟ وما ملامحها المفترضة؟

مصطلح متداول يعكس طبيعة المدن العصرية التي تضمن للإنسان تناغماً تاماً في حياته بين نشاطه اليومي المعتاد وطريقة عيشه وعمله. ظهرت فكرة مدينة الـ20 دقيقة في بورتلاند بولاية أوريغون في أوائل عام 2010، ويُقال إن أريزونا الأميركية كانت من بين أوائل المدن التي اعتمدت هذا المفهوم بمدينة تيمبي، إلى جانب مدينتي أوتاوا وسيدني، حيث لا تتعدّى المدة الزمنية لوصول سكانها إلى وجهاتهم المحددة يومياً 30 دقيقة في أوقات الذروة، سواء بوسيلة نقل عامة أو مشياً على الأقدام أو بدرّاجات.

وتعزز انتشار هذه الفكرة خلال جائحة «كوفيد-19»، التي كشفت التفاوتات في الوصول إلى الخدمات والمرافق المحلية بالمناطق، وأظهرت قيمة المساحات الخضراء المحيطة بالسكن كعامل مهم للرفاهية والصحة، كما كشفت كذلك عن الإخفاقات الحالية للتخطيط والتنظيم للمجمعات والأحياء السكنية التي تعتمد بشكل كبير على التنقل بالسيارات للوصول إلى مركز المدينة.

في دبي ظهر هذا المصطلح جلياً مع توسّع المشروعات السكنية وتعزّز مفهومه أكثر مع تحديد «خطة دبي الحضرية 2040»، التي تركز في أهدافها على تعزيز وجود محطات المترو في المدينة وقربها من السكان، حيث سيقيم 55% من السكان على بعد 800 متر من محطات المترو، على مدى الفترة المقبلة، وسيتم تأمين 80% من احتياجات السكان في مدة لا تتجاوز 20 دقيقة، سيراً على الأقدام أو باستخدام الدراجة الهوائية.

تقريباً معظم المجمعات السكنية التي تضمها دبي جسدت مفهوم مدينة الـ20 دقيقة بها على مدار خطط التنمية السابقة التي مرت بها الإمارة، والتي تضاعفت بها الكثافة السكانية 80 مرة ومساحة المنطقة الحضرية والمبنية 170 مرة حتى سنة 2020 حسب إحصاءات رسمية، وتعزز المفهوم مع دخول شبكة المترو الخدمة وانتشار مراكز التسوق والمرافق الخدمية الأخرى في المجمعات السكنية الجديدة، وهي الآن في طريقها لتوسيع هذا المفهوم من خلال خطة متكاملة، يرمي أحد أهدافها إلى تركيز التنمية حول مراكز حضرية رئيسة عبر مناطق ديرة وبردبي، الخليج التجاري ووسط المدينة، ومنطقة «المارينا» وأبراج بحيرات جميرا إلى مركز «إكسبو 2020 دبي»، ومركز «واحة دبي للسيليكون».

الفكرة الرئيسة لنموذج مدينة الــ20 دقيقة أن يصل الفرد إلى مقر عمله ووجهاته اليومية كمراكز الخدمات، والتعليم، والمرافق المجتمعية، والمناطق الترفيهية والرياضية، خلال 20 دقيقة فقط من منزله، باستخدام وسائل النقل العامة والمشي والدراجات الهوائية، والتقليل من استخدام السيارة، كخطوة نحو مكافحة تغير المناخ والتقليل من مخاطر الانبعاثات الكربونية على البيئة وصحة السكان.

نموذج مدينة الـ20 دقيقة يعتمد بالدرجة الأولى على طبيعة البنية التحتية وجودة الحياة التي توفرها المناطق والأحياء للعيش المحلي دون الحاجة للتنقل خارج الحي وحجم الكثافة السكانية، وهذا ما نلتمسه حالياً في مناطق عدة في دبي كأول مدينة في المنطقة سباقة لتطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع، وسيتوسّع تطبيقه في العديد من المجمعات حتى عام 2040 بحسب الخطة، لتصبح بذلك مجموعة مدن محلية أكثر حيوية، مما سيدعم الاقتصاد المحلي وقطاع التوظيف ومختلف الأنشطة الاستثمارية الأخرى.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر