مساحة ود

الصباحات المسروقة

أمل المنشاوي

الهموم... العدو الأعظم للحياة وأكثر ما يهدر العمر.. تسرق أيامنا واحداً تلو الآخر، وتحفر آهات مكتومة على جباهنا، وتثقل كواهلنا وتطبعنا بشكلها وتلبسنا رداءها، وتطفئ بريق العيون والضحكات.

نسلّمها طواعية مفاتيح أرواحنا وصباحاتنا بقبولها، فنكمل بقية اليوم في كآبة وحزن وتراجع في الأداء، على المستويين العملي والشخصي.

الصباحات المسروقة المهمومة لا تطعم خبزاً، ولا تقضي ديناً، ولا تشفي مريضاً، ولا تؤمّن وظيفة، ولا تبني بيتاً، فقط توقف نشاطنا وتكبّلنا في دائرة تفكير ضيقة لا تسمح لنا بمواصلة الحياة.

العمل والتعلم المستمر الحل الأمثل لمجابهة الهموم ومواصلة العمر بسلامة صدر وعافية واكتفاء، وهي دعوة مشتركة في كل الأديان، وخلطة مجرّبة على مر السنين.

العمل والإيجابية محفّز الأمم وسر نهضتها وسياج النفس البشرية ضد الاكتئاب واللامبالاة، هكذا خلقنا الله محبين للحياة، نسعد دوماً حين نقف في صفها، ونستمد عزيمتنا من التفاؤل بها، وتكافئنا هي حين تعلمنا تجاوز الصعاب، والنظر إلى التحديات على أنها فرص.

أذكر على مدار سنوات طويلة مضت لم أقابل مهموماً وناجحاً في الوقت ذاته أبداً، وشخصياً كل إنجاز حققته كان بالتوكل والأخذ بالأسباب، وكما يقال «على المرء السعي وليس عليه إدراك النتائج». المهم ألّا نستسلم للفشل أياً كان سببه، هناك دوماً مع طلعة كل صبح فرصة جديدة.

كل الذين توقف الزمان عن رسم تجاعيده على وجوههم لا يحملون هماً أبداً، فنراهم مقبلين على حياتهم، محبين للخير، متحابين ومتصالحين مع أنفسهم ومحيطهم.

كل من ابتسم في وجه التحديات طوّعها، وخلق من عتمة اليأس والإحباط أملاً نحو غد مشرق، تنبت على شمسه أحلام أكثر وردية.

التفاؤل والتوكل حسن ظن بالله، يقوي صحتنا النفسية ومناعتنا في مواجهة عثرات الطريق وتقلبات الأيام.

لا تخلو حياة أيّ منا من الحزن أو المشكلات هنا أوهناك، لكن حلها أبداً ليس في كثرة التفكير وإرهاق عقولنا، فهناك أحوال لا نملك حيالها شيئاً، وأقدار تفرض نفسها، وظروف لم نصنعها، لابد أن نوطّن أنفسنا على تركها لمن يدبر الأمر مع الثقة في خيرية ما يختاره لنا.

لا تسمح للهموم أن تسرق صباحك، فينتهي يوم من عمرك بلا فائدة، ولا تتركها تضيع وقتاً يمكن أن تحوله إلى نجاح حقيقي يغيّر حاضرك ومستقبلك للأفضل.

كل الصباحات الكئيبة، أوقات مسروقة وأيام ضائعة.

دافعوا عن أيامكم، وحصّنوا صباحاتكم كل يوم بالتفاؤل والإيجابية والعمل.

• «العمل والإيجابية محفّز الأمم وسرّ نهضتها وسياج النفس البشرية ضد الاكتئاب واللامبالاة».

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر