مساحة ود

ارفع هنا علماً

أمل المنشاوي

«اكتب اسمك أولاً، وعرف التاريخ من تكون، ودعه ينتظر حتى ترسم ملامح وجهك على صفحته، ليظل محفوراً في القلوب، هنا فوق تراب الصحراء اسكب ماءً وازرع نخلاً وعمّر بيتاً ولا تأبه للمتخاذلين»، «أنا الحياة، أفتح ذراع الأمل كل صبح للمخلصين، وأشد على يد الكادحين وأعطي المجد على قدر الجهد».

«أنا الحياة، ومرادفي السعي، هكذا خلقني الله ووضع قوانينه فيّ، أقدس العمل وأطبق العدل وأمنح الكثير وقت الحصاد».

استمع إلى كلماتها بعقله، فأصبح حكيم العرب وتقاسم الخير، بقلبه ويده، مع المعوزين فصار أباً لليتامى وعون المحتاجين، ومدّ الطرق وبنى الجسور وفتح الأبواب، من دون تمييز، وردّد في كل محفل «الرزق رزق الله»، فرفع الله قدره وأعلى شأن دولته وحقق أحلاماً ظنها الكثيرون مستحيلة.

هناك في بقاع الأرض مساجد بناها، ومدارس تنشر العلم، ومشافٍ تعالج المرضى، ومساكن تصون كرامة الإنسان وتحميه من برد الشتاء والعراء.

أعلى شأن أمة بأكملها، وعزز قيم الإسلام وطبقه بوسطية جمعت قلوب الناس حوله، ولم يخشَ في الحق لوماً، ولم يلتفت لمن يشكك في صدق نياته «فما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل»، بحثت قوافل خيره عن المحتاجين، وأعطت بلا منّة ولا فضل، ليؤصل نهجاً للعمل الخيري قلما نجد له مثيلاً.

مازلت أذكر التاريخ جيداً: الثاني من نوفمبر 2004، وكم كانت صادقة دموع الملايين حول العالم وهي تودع القامة العالية ورمز الخير الشامخ بدعوات من القلب، وتردد «إلى جنة الخلد يا شيخنا الجليل».

سبعة عشر عاماً على الرحيل، جرت في نهر الحياة خلالها الخطوب، وشهد العالم تحولات ضربت جذور القيم والأخلاق، وظل إرثه محصناً، ونهجه قانوناً يطبّقه الأبناء والأحفاد، وغدت رقعته الصحراوية دولة وأمة وحلماً للعيش والعمل.

الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، حامل القرآن، باني المساجد ودور العلم، وسند العجزة والمحرومين بمؤسساته الخيرية حتى بعد مماته، شيخنا وشيخ كل العرب الجليل ارقد بسلام، يخلدك العمل ويشهد لك الخير، ويشفع لك الحب، ويرحمك الخالق كما رحمت الخلق.

سبعة عشر عاماً على الرحيل والجميع يعيش في خير ما زرعته يداك، ويرددون خلف الحياة: هذي الإمارات فارفع هنا علماً.

amalalmenshawi@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر