5 دقائق

علاقة وصداقة

عبدالله القمزي

هل سألت نفسك ما الذي يجعلك تقترب من شخص وتبتعد عن آخر؟ الجواب العفوي هو ارتحت له كثيراً أو لم أرتح له أبداً. ما الذي يجعلنا نرتاح لشخص ولا نرتاح لآخر؟ إنه الاحترام والتقدير المتبادل والذي بدوره يولد الثقة.

الثقة المتبادلة هي أهم عمود من أعمدة الصداقة أو العلاقة طويلة الأمد كالزواج. دونها لا تقوم الصداقة وتنتهي في غضون أيام أو أشهر أو حتى سنوات بمجرد وقوع شيء يهز تلك الثقة.

وفي أي علاقة صحية لابد من وجود الاحترام المتبادل، وإن وقع عدم الاحترام فاعلم أن هناك خللاً في عملية التواصل التي ستجد فيها أحكاماً سلبية بين المتواصلين وانتقاداً وسخرية من قيمة الشخص.

وفي دراسات الاتصال هناك ما يسمى «القسوة على الشخص وتجاهل المشكلة»، والشخص الذكي الذي يحسن عملية التواصل يعرف كيف يفرق بين الشخص والمشكلة، والتي غالباً تكون في سلوك الشخص. أما الشخص غير الذكي فتجده يركز على الهجوم الشخصي ويتجاهل المشكلة.

من العوامل المقوية لعلاقة الصداقة هي الأنشطة المشتركة. ونقول إن معدن الشخص لن تعرفه إلا في السفر أو في أزمة أو في مناسبة فرح؛ فالسفر يصنع تجربة ذكريات إيجابية أو سلبية مشتركة.

فلن تنسى صديقك الذي أنقذك في الغربة أو صبر لأجل أن تفعل ما تحب، ولن تنسى ذلك الذي فرض ذوقه عليك أو ذلك الذي استيقظ صباحاً وخرج من الفندق وتركك وحيداً تلعن اللحظة التي قررت فيها السفر معه.

وحتماً لا تنسى ذلك الشخص الذي ساندك في أزمة عندما تجاهلك الآخرون أو لم يهتموا لأمرك، ولن تنسى ذلك الذي تجاهلته يوماً لكنه كان أول الحاضرين في مجلس عزاء أو في عرسك الشخصي، وجدته يرتب هندامك ويضبط «غترتك» وكأنك شقيقه.

ولن تنسى ذلك الشخص الذي هو أصلاً ضيف في منزلك لكنه يساعدك ويخدم ضيوفك عندما يراك عاجزاً عن أداء المهمة وكأنهم ضيوفه. وعندما تشكره يقول لك لم أفعل شيئاً يا رجل.

هذا هو الصديق الصدوق الذي لا يعوض، قد يكون صديق طفولة كبر معك، وقد يكون مديرك في العمل أو زميلك، وقد يكون صديق أحد أصدقائك تقرب منك عندما علم بخصالك وأخلاقك، وقد يكون ابن حيك الذي تراه في المسجد رغم أنه ليس جارك. لا تعلم أين يوجد ولن تجده لو ذهبت للبحث عنه، لكن الله عز وجل يضعه أمامك لو أخلصت النية تجاه الآخرين.

موقف:

منذ 20 عاماً كان هناك شخص لا يحبني لأنه يسمع عني من شخص آخر، يحدثني كأني عدوه ويتعمد إهانتي أمام الآخرين رغم أني لم أرتكب خطأ في حقه. رأيته من سيارتي في شارع ينتظر سيارة أجرة ويتصبب عرقاً في الحر. توقفت وقلت له اركب معي، قفز في سيارتي دون تردد وأوصلته إلى بيته. شكرني بحرارة وعلامات الإحراج على محياه، لم يعتذر عن موقفه السابق لكنه تحول إلى صديق في يوم وليلة حتى فرقتنا مشاغل الحياة رغماً عنا.

• «الثقة المتبادلة هي أهم عمود من أعمدة الصداقة أو العلاقة طويلة الأمد كالزواج».

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر