ملح وسكر

الصافرة الأجنبية ليست حلاً

يوسف الأحمد

في السنوات الماضية كان هناك عزفٌ مستمر على وتر الصافرة الأجنبية مع مطالبة مُلحة لعودتها لتتواجد في دورينا، بعد عقود طويلة من غيابها عن ملاعبنا بعدما انتفت الحاجة إلى وجودها، عندما تبنى صاحب القرار الصافرة المحلية راعياً وداعماً لها، ومعيداً في ذلك الزمن رسم خارطة التحكيم بملاعبنا من خلال توجهات محددة وسياسة واضحة جعلتها في ما بعد رافداً مُهماً لمكاسبنا وإنجازاتنا الرياضية.

مما لا شك فيه أن الساحة الكروية أفرزت أسماء لمعت بصماتها إقليمياً ودولياً، بفضل الرعاية التي شملتهم والمساحة التي احتضنتهم لينطلقوا منها ويقدموا نموذجاً خليجياً مميزاً، ومشهوداً له بالكفاءة والنزاهة العالية، ما وضعهم في خط المنافسة مع كبار الصافرة العالميين.

ولعل الفئة المطالبة بعودة الحكم الأجنبي قد وجدت الرقم السري أخيراً لفتح الباب المغلق، متذرعةً بالمستوى المتدني للكادر المحلي ثم للأخطاء المتكررة التي حدثت في المواسم الأخيرة. ودرءاً للشك ومنع الوساوس، يرى هؤلاء ضرورة استقامة ميزان العدل وفرض الحيادية لكف الظلم عمن تضرر بسبب الهفوات التي ظهرت في الماضي، لكن قلما وصلت إلى الحد الكارثي مقارنة بالدوريات الأخرى، وما نشاهده من سقطات صادمة قد لا يغفرها تاريخ المستديرة، مع التسليم بأن هذه الأخطاء لن تختفي من الملاعب كونها قاعدة كروية ومبنية على أجزاء من اللعبة. وفي الواقع نحن لن نشذ عن الآخرين ولن نخرج ببدعة، لكن واقعياً سلك التحكيم تُعد إسهاماته أفضل من مخرجات الأندية والمنتخبات، فهو مكتسب وطني ذو قيمة مضافة لرياضة الإمارات، إذ ليس من العقل والحكمة أن يحمل البعض معول هدمٍ ويضربه من الجذور، لاسيما أننا تجاوزنا مراحل متقدمة من البناء والإعداد وصرنا نقدم نماذج مُشرفة باستمرار، بل أصبحت الصافرة الإماراتية مرجعاً وممارسة تسترشد منها وتستنير بتجاربها دول عديدة، حيث ظهرت ثمارها عند الأشقاء والأصدقاء حتى أصبحت صافرتهم تتفوق علينا بأشواط.

صحيح أن هناك أخطاء وهبوط أداء عند بعض الأسماء، إلا أن الحكم الأجنبي ليس حلاً أو دواءً لمعالجة هذا الخلل، فهناك الكثير من الخطوات التحسينية والبرامج التطويرية التي ستسهم في رفع كفاءة الحكم الإماراتي، وستعمل على تطوير مستواه وفاعليته في الملاعب، مثل ما إن أهل الشأن والمعنيين بأمر التحكيم أدرى وأعلم بدهاليزه من جمهور الشارع الرياضي، ولهذا فإن الانجراف خلف هذه الفكرة لربما تظهر عواقبه لاحقاً وسيكون الثمن باهظاً حينها؛ لذا مزيداً من التعقل والتبصر وألا ننساق خلف المروجين الداعمين لسلعة فيها من المنافع والمصالح ما فيها، ولنتذكر دائماً أنه لا يمدح السوق إلا من ربِحَ فيه!

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر