مساحة ود

قل شيئاً مبهجاً

أمل المنشاوي

قل شيئاً مبهجاً، فمعشر النساء تلوّن أيامهن الكلمات، وتسعدهن الكلمات، وترفع ثقتهن بأنفسهن كلمات، ويقتلهن التجاهل وكثرة اللوم وانتقاص القدر وهي أيضاً كلمات.

قل شيئاً مبهجاً يغيّر طعم الملل، من تكرار المهام اليومية، ويعين على تنوعها وتشعّبها وكثرتها، حتى لا يتحول الصبر وقوة التحمل إلى بركان رفض وغضب، وتمرد على ثقيل الأحمال والإهمال.

نحن النساء أعمدة البيوت ومصابيحها، ومتكأ أوقات المحن، وخلف كل النجاحات والإنجازات، نطمح في نهاية كل يوم إلى سماع كلمة تطيب الخاطر، وثناء يضاعف الجهد، وإطراء يهدئ النفس ويعلي المناعة ويزيد العطاء.

قل شيئاً مبهجاً فالحياة قصيرة وقطارها سريع، ومحطات الوصول قريبة، ولا تدري كم يمهلك الوقت لقول ما يسعد ولا كم يسع العمر لرد الجميل.

فهلا تساءلت يوماً كم أضعت من سعادة وراء الخلافات؟ وكم أخفيت من مشاعر وإنسانية وحنو وراء المناقشات العقيمة على تفاهات الأمور؟ وكم قطعت أرحاماً لأجل ما لا يستحق؟ وكم تأخر السؤال عن أمّ أو أخت بحجة الانشغال؟

قل شيئاً مبهجاً في أي وقت، واسأل عن أحوالنا بلا مناسبة، فكل الأوقات تناسب السؤال، وطيب الكلام والاهتمام يخلقان مساحات حب وإقبال، ويشفيان من الأوجاع والأسقام.

فكم أمّ تنتظر: «كيف حالك؟» ولو على الهاتف، وكم أخت تترقب زيارة مفاجئة أو دعوة عشاء في إحدى المناسبات؟ وكم زوجة تتوق لابتسامة أو ثناء على جهدها في بيتك؟ وكم ابنة تبحث في عينيك عن نظرة رضا؟

فهذا الانشغال والغياب والعبوس في وجه زوجتك، أو ابنتك أو أختك أو أمك، تورث مرارة في النفس، وحزناً عميقاً قد لا تراه، لكنه يتراكم شيئاً فشيئاً حتى يصبح سداً منيعاً يعكر صفو الحياة، ويخلق مساحة جفاء تتسع حتى تلتهم أواصر الود والرحمة.

أعلم يقيناً أن هناك من يدرك ذلك، ويتفهم الضعف والاحتياجات النفسية والمعنوية قبل المادية، ويخاف الله فينا ويكرمنا أيما كرم، ويمنح من وقته وعمره بلا مِنة أو ضيق أو كلل، كما أعلم أيضاً أن واقع الحياة تغير كثيراً، فلم تعد أريحية الوقت كما السابق، ولا هدوء البال بذاك المتسع، لكنها عزيزي الرجل كلمات بسيطة، وسؤال لا يستغرق من وقتك الكثير، هما بالنسبة لنا إكسير له مفعول السحر، ستراه حتماً في بريق الأعين وسعادة الوجه وانشراح الصدر.

عزيزي الرجل، كلمات بسيطة وسؤال لا يستغرق من وقتك الكثير، هما بالنسبة لنا إكسير له مفعول السحر، ستراه حتماً في بريق الأعين وسعادة الوجه وانشراح الصدر.

@amalalmenshawi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر