عندما أربك محمد بن راشد العين والعقل!

الصورة أبلغ في الوصف من مئات الكلمات، هي ثوانٍ قليلة تركّز فيها العين، لكنها تحفر في الذاكرة والعقل ما تعجز آلاف كلمات الوصف عن فعله، وهي توثق وتسطّر في التاريخ ما لا يمكن أن ينساه الإنسان.
هذا ما حدث عند مشاهدة صورتين لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، في المكان نفسه والزاوية نفسها، الأولى تعود إلى عام 2016، والثانية قبل أيام عدة من العام الجاري 2021، عند الباحة الرئيسة لمعرض إكسبو العالمي الذي سينطلق بعد أسابيع قليلة في دبي، هي ثوانٍ بسيطة تنتقل فيها العين بين الصورتين، لتعطي إشارات إلى العقل الذي لا يكاد يصدق ما حدث، فيبدأ بالتفكير والمقارنة بين المشهدين، فيرى في المشهد الأول، الشيخ محمد بمفرده وخلفه صحراء ممتدة متوشحة باللون الأصفر، ثم ينتقل إلى المشهد الثاني فيرى محمد بن راشد وفي عينيه نظرات الفخر والاعتزاز، وخلفه مدينة متكاملة بمنشآتها ومبانيها ومسارحها، مضيئة بالألوان والكهرباء والتصاميم الخلابة المتنوعة، تنتظر زوّار دبي ليبثوا الحياة فيها.
من يعتقد أن دبي شيّدت معرضاً في أربع سنوات، فهو مخطئ، لأن هذا ليس إنجازاً في حد ذاته، ويمكن لكثيرين القيام به، دبي لم تشيّد معرضاً بل شيّدت مدينة متكاملة بمرافقها كافة، وبنيتها التحتية في سنوات قليلة، وليس هذا هو الإنجاز فحسب، بل الإنجاز في الإصرار على النجاح، ومواصلة العمل ليل نهار، ومواجهة التحديات الضخمة، بكل عزيمة وإرادة، ولعل أبرز هذه التحديات ضياع عام كامل وزيادة، شهد فيه العالم أخطر وأغرب وأشد أزمة فيروسية شهدها التاريخ، أدت إلى شلل كامل في أنحاء الكرة الأرضية كافة، ومع ذلك استمر العمل، واستمر البناء، ولم تتوقف عقارب الساعة في دبي، ووصلت إلى هدفها المنشود، لتكون جاهزة لاحتضان العالم، رغم كل الظروف الخانقة والصعبة، تُرى ألا يحق لهذا القائد أن يقف وقفة شموخ وفخر وهو ينظر إلى إنجاز ضخم سيتحدث عنه التاريخ لسنوات طويلة مقبلة؟!
محمد بن راشد لم يشيّد معرضاً فقط، و«إكسبو» ليس مجرد مساحات لأجنحة دول تعرض منجزاتها الإنسانية، معرض «إكسبو» سيستمر ستة أشهر فقط، لكن نظرة ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أعمق وأبعد من تلك الأشهر الستة، لقد شيّد سموه مدينة كاملة في سنوات قليلة، بنى بكل فخر مدينة «دبي الجنوب»، المحاذية لمطار آل مكتوم الأكبر في العالم، و«إكسبو 2020»، الحدث المرتقب دولياً، هو جزء من هذه المدينة، وهذه المدينة الجديدة الضخمة نجحت في استقطاب استثمارات مليارية، حيث ضخت المدينة قرابة 3.5 مليارات درهم استثمارات في البنية التحتية والمشروعات التطويرية، في حين تضخ المتبقي شركات عقارية وطنية.
وباتت المدينة معروفة لدى المستثمرين بأنها مدينة المستقبل، ووجه إمارة دبي الجديد، وموطن الفرص الاستثمارية الكبرى. ولايزال المجال مفتوحاً أمام المطورين والمستثمرين الراغبين في الاستفادة من الفرص الواعدة في هذه المنطقة، التي ستلعب دوراً مهماً في دعم ريادة دبي للأنشطة العقارية الإقليمية كونها إحدى أفضل الوجهات الاستثمارية في العالم.
أليس من الطبيعي، بعد هذا، ألا يصدق العقل إشارات العين وهي تشرح له فروق الصورتين التي التقطتا لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد؟!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

 

الأكثر مشاركة