المصير الواحد ليس مجرّد شعارات!

المرحلة الحالية صعبة وحساسة، والمنطقة بأسرها تمرّ بأسوأ وأصعب وأحلك الظروف، والمستقبل لا يبدو مُريحاً، بل هو غامض ويصعب توقع أحداثه، تحدياته كثيرة، والخيارات المتوافرة لمواجهة هذه التحديات محدودة، وكل المؤشرات الحالية والمستقبلية، تقود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى الاعتماد على نفسها، والتقارب بشكل كامل، وتعزيز التعاون ونبذ كل خلاف.

الإمارات أدركت ذلك، ونبّهت إليه مراراً وتكراراً، وسعت بكل طاقتها للمحافظة على استقرار المنطقة، بذلت جهوداً ضخمة، لا ينكرها إلا جاحد، وهي الآن تمرّ بمرحلة جديدة، مرحلة تواكب تحديات المستقبل والمخاطر المتوقعة، مرحلة مبنيّة على تعزيز التعاون مع الجميع، وبناء الجسور نحو الجميع، وترميم كل تصدعات الماضي، لأن المستقبل لن يكون لمن يعمل منفرداً، أو يعتقد أنه بمنأى عن أي خطر قادم!

مصيرنا واحد، هذا ليس شعاراً نردّده، بل حقيقة ثابتة، فنحن في مجلس التعاون كتلة واحدة، العالم كله ينظر إلينا بهذه الطريقة، ومن يضمر الشر للمنطقة، لا يرانا مختلفين عن بعض، حتى لو اختلفت السياسات والتوجهات. إنهم ينظرون إلينا جميعاً نظرة الحقد والطمع والابتزاز ذاتها، ولن يتوقفوا بشرّهم وحقدهم عند دولة دون الأخرى، هذا قدرنا في دول الخليج، شاء من شاء، واقتنع من اقتنع، وعاند من عاند، لن تنجو دولة بمفردها إن تعرضت المنطقة لخطر أو تحديات مقلقة!

الأيام تُعطينا دروساً بشكل مستمر، وعلينا أن نعيها بشكل جيد، أهم هذه الدروس أنه لا يوجد حليف يمكن الاعتماد عليه، لا أحد يهتم بنا إلا بقدر مصلحة معينة، ومتى ما انتهت المصلحة انتهى الاهتمام، وانتهى التحالف، والسيناريوهات تكررت مراراً عدة، وأمام أعيننا، أنظمة عديدة سقطت، ودول دُمرت، وشعوب تُركت تواجه مصيرها، ودول تمرّ بمرحلة ضعف تم تسليمها على طبق من ذهب، ومن دون مقابل لدول أخرى، على مرأى ومسمع النظام العالمي وجميع دول العالم، ولم يحرك أحد منهم ساكناً! وذلك لسبب واحد، التقاء المصالح، وعندما تلتقي المصالح فلا أحد يتحدث عن أي شيء آخر!

الإمارات في هذه المرحلة تعمل على مواءمة السياسة والاقتصاد، وتسعى لتعزيز التعاون الاقتصادي والتقني مع الجميع، فالاقتصاد مفتاح الاستقرار والرخاء، والتكنولوجيا لغة المستقبل، وتركيزها في المرحلة المقبلة سينصبّ على تعزيز موقعها الاقتصادي، وتنمية مواردها لتحقيق أعلى معدلات التنمية الداخلية، وبناء وطن المستقبل للأجيال المقبلة، فالاقتصاد، وليس السياسة، هو الذي سيتولى زمام الاستراتيجيات والخطط المستقبلية المقبلة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

الأكثر مشاركة