كـل يــوم

لسنا مجرد مستوردين ومستهلكين!

سامي الريامي

أحد الإخوة الأفاضل دعانا إلى مزرعته في منطقة «الجبيب»، وهي منطقة تقع بين مدينتي العين ودبي، زرع فيها العديد من أصناف الخضراوات، ولكن ما يميزها حقاً هو تفوقها في إنتاج «التين»، وهو من النوع الأصفر المعروف محلياً باسم «تين جاسم»، وهو بالمناسبة لذيذ جداً، ولا تقل جودته عن جودة أي تين من إنتاج لبنان، أو أرمينيا، أو تركيا، أو أي دولة أخرى شهيرة بزراعة التين، هذا الرجل تحديداً من عشاق «التين»، وكان يجلبه بشكل سنوي من لبنان، لكنه الآن توقف عن استيراده تماماً، بل إنه ينتجه بكميات كبيرة، وبجودة فائقة، وتكلفة بسيطة، ومن وسط صحراء الإمارات!

هو ليس الوحيد من يفعل ذلك، بل هناك عشرات، إن لم نقل مئات من المزارع في أبوظبي وفي المنطقة الغربية، وفي العين، ورأس الخيمة، والفجيرة، تنتج مختلف أنواع التين بكل فئاته وألوانه، وبجودة عالية، وطعم لذيذ ينافس أجود الأنواع العالمية، وبعض المزارع تحتوي على أربعة آلاف شجرة تين، وبعضها أكثر، والإنتاج غزير ووافٍ، حيث إن بعضها ينتج طوال أيام السنة بفضل الاهتمام والتغطية وتوافر أساسيات بقاء الشجرة وزيادة محصولها.

والجميل في الأمر، أنه أصبح لدينا كفاءات وخبرات إماراتية تميزت ونجحت في الدخول إلى هذا المجال، واكتسبت خبرة كبيرة في الزراعة وإنتاج «التين» بشكل خاص، والخضراوات والفواكه على وجه العموم.

لا تنقصنا المساحات، فالتقنيات الحديثة، والبيوت البلاستيكية المغطاة، أنهت حجة أننا دولة صحراوية غير صالحة للزراعة، بل أصبحنا نزرع كل شيء، وبكميات جيدة، لا ندعي أنها كافية لتغطية حاجتنا الغذائية، لكنها حتماً ستشكل نسبة كبيرة في وصولنا إلى مرحلة الأمن الغذائي التي نحلم بها منذ سنين طويلة، شريطة مضاعفة الاهتمام بالقطاع الزراعي وحمايته، ودعم المزارعين بشكل حقيقي وملموس، وتنظيم هذا القطاع بشكل علمي مدروس، بدلاً من تركه يعاني العشوائية والعمل المنفرد، وذلك لعدم وجود خطة استراتيجية حكومية عليا، تشمل كل المزارعين، وتضم المزارع المنتجة كافة، وتضع لها خطوات ومراحل التميز، ونوعية الإنتاج المطلوب، وبشكل يعزز التكامل، ويفتح المجال لتسويق أفضل، فيستفيد الجميع بدلاً من التنافس، أو الازدواجية والتكرار الذي يؤدي في النهاية إلى فشل الجميع!

لا أملك أرقاماً أو إحصاءات عن إنتاج الإمارات من «التين»، ولكن لو تم تنظيم هذا القطاع بشكل محكم، فإن إنتاجنا المحلي سيغطي الدولة بأكملها، ولن نحتاج إلى استيراد «تين» من أي مكان آخر، بل ربما ننافس عالمياً في إنتاج «تين» عالي الجودة لذيذ الطعم، ولو تم تنظيم القطاع الزراعي بأكمله ضمن خطة واضحة ومدروسة، فإننا دون شك سنؤمّن كثيراً من المنتجات الغذائية، وسنسير بثبات في طريق رفع نسبة الأمن الغذائي بشكل كبير، وهذا ليس مستحيلاً، فالتطور العلمي كفيل بإسقاط النظريات كافة التي كانت ترانا دولة غير منتجة، وبناء على ذلك وضعونا في خانة المستوردين والمستهلكين فقط، وأعتقد أن الوقت قد حان كي نغادر هذه الخانة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر