5 دقائق

طوابير وأكلات وحلويات!

عبدالله القمزي

تتكون طوابير أمام مطاعم معينة في بعض مراكز التسوق، وأتساءل ما الذي يجعل هؤلاء يتجمعون بانتظار دورهم في المطعم.

في كل الأحوال لا يمكنني أن أقف في طابور من أجل وجبة مطعم فاخر، لسبب بسيط أني متيقن أن الوجبة عادية جداً وليس بها أي شيء مميز.

ظاهرة الطوابير الحديثة خلقتها «السوشيال ميديا»، فإن كان المطعم يمتلك فريقاً بارعاً في التسويق الإلكتروني، تساق إليه الجماهير الغفيرة التي أتت بسبب تلك الصور الجذابة، وشاهدت رقم الإعجابات يتصاعد بشكل جنوني. وهذا يقلد ذاك، وذاك يشعر برغبة جامحة في تجربة المطعم بسبب «السوشيال ميديا»، وإن جربه يبالغ في إعجابه، وإن لم يعجبه لأن أرقام إعجابات «السوشيال ميديا» تجعل رأي أي شخص مخالف غير مهم.

ليست هناك وجبة مميزة أو خلطة سحرية، وكل المطاعم متشابهة وتكرر بعضها، وليس هناك شيء مميز يجعلني أذهب إلى مطعم من أجل أكلة، أو أعود إليه لأجل وجبة أعجبتني، أو أذهب لتأثري بظاهرة الطابور.

الشيء نفسه بالنسبة لحلويات المطاعم، وأقصد تلك التي تقدم كعكة أو ذلك الشيء الذي يُصبّ عليه سائل الشوكولاتة فيذوب ويفجر «إنستغرام» و«سناب» بقنابل الإعجابات.

ليست لتلك الحلوى أي شيء مميز، كل الموضوع سكر مركز جداً فقط! أرى الناس متكدسة في مطعم متخصص في الحلويات وتصبّ سائل الشوكولاته السحري على الكعكة التي تذوب، ويتوثق كل ذلك في «إنستغرام»! ذهبت لتجربة الكعكة فوجدتها عادية ومليئة بالسكر.

ظننت أن الحلويات في هذا المطعم المتخصص تُطبخ أو تُصنع حسب الطلب، لكني فوجئت بالنادل يحضرها بعد ثلاث دقائق فقط، رغم عدم عرضها في واجهة المحل!

أخبرت النادل أن الكعك في «المقهى الأزرق» أفضل بمليون مرة من كعكته البالغ ثمنها 40 درهماً! لم يصدقني وقال الجميع يحب هذه الكعكة، فقلت له بل يحبون شكلها في «إنستغرام» وليس مذاقها! قال لي جرب صنفاً آخر فجربت، وكان أردأ من الأول بسبب السكر الزائد. فطلبت الفاتورة ودفعت ثمن كعكتين رديئتين، وفي الولايات المتحدة ترفض المطاعم الثمن احتراماً لذوق الزبون لو لم يعجبه شيء.

في أوروبا الحلويات لها مذاق خاص وليست مجرد سكر! وكم عدتُ لمقاهٍ ومخابز بسبب كعك أعجبني، كم طلبت من مخابز أن تغلف لي مجموعة متنوعة من الكعك لأخذه معي، وكلما دخلت محل شوكولاتة اشتريت ما أملأ به نصف الحقيبة.

موقف

دخلت مقهى في فرنسا جربت فيه ثلاثة أصناف من الحلويات لم أذق مثلها في حياتي، فرحبت بي النادلة عندما عرفتني، وطلبت منها أن تحضر لي أي كعكة على ذوقها، بشرط عدم احتوائها على الكحول.

دخلت مقهى في مركز تسوق قرب منزلي، وطلبت من النادلة أن تحضر لي أي كعكة بلا سكر! فأحضرت لي شيئاً يسبّب مرض السكري!

الموقف الأول يعكس ثقة والثاني يعكس يأساً..سأتفهم لو لم يتفق أي قارئ معي.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر