كل يوم

لابدّ من جانب تشريعي للعملات الرقمية في الإمارات..

سامي الريامي

من الصعب الآن تجاهل وجود العملات الرقمية، ومن الصعب جداً تجريمها ومنعها، ولا أعتقد أبداً أن الحل المناسب يكمن في المنع والتجريم، أو وقف التعاملات نهائياً، وعدم الاعتراف إطلاقاً بوجود العملة الرقمية من قبل المصرف المركزي لدينا!

بل على العكس من ذلك، فجميع المؤشرات الحالية، والتجارب السابقة، تحتم علينا التعامل مع أي مستجد وطارئ تقني بطريقة عقلانية أقرب للقبول، مع وضع ضوابط، بدلاً من الرفض والمنع، لذلك فمن الأجدى اليوم بدء العمل على وضع بيئة تنظيمية وتشريعية قوية، تستعد لتطبيقات «البلوك تشين» في كل مناحي الحياة، وعلى رأسها التعاملات المالية، والعملات الرقمية.

العالم الآن يحتوي على عملات مشفرة، كواقع جديد، والعملات المشفرة هي الصادرة من محافظ مشفرة خاصة، لا تتبع الدول وتستخدم تقنية «بلوك تشين»، بينما تنقسم العملات الرقمية إلى نوعين، عملات رقمية صادرة عن جهات خاصة، ومربوطة بالعملات النقدية، كربط وحدة العملة بدولار واحد، والنوع الثاني هو العملات الرقمية الصادرة من البنوك المركزية، ومربوطة بالعملة الوطنية.

وتطورت العملات المشفرة بشكل كبير ولافت في السنوات الأخيرة، وتشير الإحصاءات إلى وجود 10 ملايين مستخدم حالياً للمحافظ الرقمية، بمجموع أصول يفوق الـ100 مليار دولار!

في الآونة الأخيرة، وعلى سبيل المثال، بدأت شركة «فيزا» التعامل مع المحافظ المشفرة لفتح مجال الدفع بواسطة بطاقة «فيزا»، واليوم تتعامل الشركة مع 54 محفظة مشفرة في العالم، وفتحت الشراء من 70 مليون تاجر في العالم، كما تم إدراج صندوق يستثمر في «البيتكوين» بسوق دبي العالمي، وليس هذا فقط، بل إن هناك دولة مثل السلفادور اعترفت بها كعملة، وأوروغواي أيضاً تسير على الطريق نفسه، وهناك حديث عن تبني بنوك «خليجية» لعملة «الريبل» في التحويلات المالية، ما يعني أن فكرة رفض العملات الرقمية ليست صحيحة على الإطلاق!

لذا من الأفضل الآن العمل على وضع التشريعات والقوانين التي تنظم التداول في العملات الرقمية، بما يجذب منصات عالمية، ويضمن قانونية تعاملاتها بعيداً عن أي شبهات تتعلق بعمليات غسيل أموال أو تمويل إرهاب، أو تجارة ممنوعة، ولابد من الاطلاع على تجارب الدول المتطورة في هذا الشأن، وفهم كيف تسير الأمور استعداداً للمستقبل.

البنوك المركزية حول العالم تستعد لإطلاق عملات رقمية خاصة بها، لكن هذا لن يمنع وجود سوق العملات الحالية «البيتكوين» وأخواتها، لأن الكثير منها وراءه مشروعات حقيقية وكبيرة، تماماً كسوق الأسهم وما تعكسه من شركات حقيقية.

الآن شركات التكنولوجيا والشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن التمويل، تلجأ إلى تعدين عملة رقمية وطرحها للاكتتاب، ثم الإدراج في المنصات العالمية، تماماً كما يحدث في أسواق الأسهم، وهناك ميزانيات مالية تنشر تحاليل مالية وتوقعات، تعتمد على الأداء، أي إن السوق ليست مقامرة!

الإمارات دولة سباقة، ولديها مقومات تقنية كبيرة، هذه الإمكانات تنتظر أن تكتمل بالجانب التشريعي والتنظيمي القوي، وهذا ما نأمل أن يضطلع به المصرف المركزي.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر