كـل يــوم

«الإدمان» من دون أصدقاء سوء أو مروّجي مخدرات!

سامي الريامي

موضوع مهم للغاية، نبهني إليه صديق عزيز، حيث أشار إلى سبب جديد يقود للإدمان، سبب لا يحتاج إلى أصدقاء سوء يعرضون مخدراً أو «حبوباً» مخدرة من باب التجريب، ولا يحتاج إلى تجار ومروجي مخدرات، بل على العكس من ذلك، غالباً ما يكون الإدمان قادماً من باب العلاج لمرض نفسي أو غير نفسي، ثم للأسف يتحول المريض تدريجياً إلى مدمن بكل معنى الكلمة، مدمن بتصرفاته، وبحركاته، وبطلبه للمخدر بشتى الطرق والوسائل، ولا يختلف أبداً عن مدمن المخدرات الآخر في أي شيء.

في الغالب هناك أمراض نفسية كثيرة، يتطلب علاجها استخدام بعض المهدئات، وفي الغالب كثير من الشباب لا يرغبون في اللجوء إلى أطباء مختصين في الطب النفسي، وتالياً يبحثون عن الحل بأنفسهم، وفي الغالب فإن الحل الذي يختارونه هو حبوب مهدئة تتحول تدريجياً إلى حبوب مخدرة، ليتحول المريض بعد فترة من الزمن إلى مدمن حقيقي.

وهناك حالات أخرى لشباب لجأوا إلى أطباء في القطاع الخاص، فوجدوا ضالتهم عند هؤلاء الأطباء، ليكرروا بعدها الزيارات، طلباً للأدوية والحبوب القوية الممنوعة، ليجدوا أنفسهم في نهاية الأمر في وسط طريق الإدمان، حيث يصعب رجوعهم إلى حالتهم الهادئة السابقة، ويصعب علاجهم من الإدمان، فيبدأون بتجريب جميع الأنواع الأخرى الأكثر قوة وتدميراً.

قبل فترة ليست بقليلة تلقيت مكالمة من سيدة محترمة، لديها ابن شاب في مقتبل العمر، دخل في مرحلة اكتئاب بسبب حادث مروري، منعه المشي، وأقعده على كرسي متحرك، ثم انتكست حالته بشدة بعد وفاة والده، ليجد نفسه مدمناً بشدة على حبوب مهدئة صرفها له دكتور في القطاع الخاص، لتبدأ بعدها مأساة هذه السيدة، حيث تحول ابنها إلى مدمن حقيقي، إضافة إلى كونه صاحب إعاقة، وتحول معه المنزل الهادئ إلى ما يشبه «جهنم» لهذه الأم الفاضلة التي لا تعرف كيف تتعامل مع ما يشبه «الوحش» عندما تأتيه حالة الإدمان في المنزل، يضرب ويكسر كل ما يواجهه، يصرخ ويغضب باستمرار، يطلب الحبوب، فإن لم يجدها يفعل كل شيء، ولا يتردد أبداً حتى في مدّ يده على أمه.

«لا يوجد لمأساتي حل أبداً»، كما تقول هذه السيدة، ومأساتها مازالت مستمرة، ولم يتدخل أحد لمساعدتها، فالشرطة لا تستطيع سجن هذا الشاب، فهو من «ذوي الهمم»، وهي لا تستطيع مواجهته بسبب ضعفها مقارنة بقوة شاب حتى لو كان على كرسي متحرك، ولا علاج يوجد في الأفق سوى حبوب مخدرة ومهدئة تزيده إدماناً.

قصتها تجعل القلب يتفطر على حالتها، خصوصاً أنه ابنها الوحيد، وفي الوقت نفسه تحول إلى عدوّها الوحيد، هي لا تستطيع إكمال قصتها بسبب الغصة والدموع التي تنهار بمجرد أن تبدأ في رواية مأساتها، لكنها تصرخ وتقول: ابني ضحية.. ولا أريد أن تتكرر حالته لأي أسرة، فلا تستعجلوا اللجوء إلى المهدئات فقد تكون سبباً لحدوث كارثة.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر