خارج الصندوق

المساحات الصغيرة مرة أخرى

إسماعيل الحمادي

وفقاً لمجريات السوق وتوجهات المستثمرين خلال المراحل المقبلة، فإن المستقبل اليوم في السوق العقارية للعقارات السكنية ذات المساحات الكبيرة، ليس فقط الفلل التي تشهد طلباً غير مسبوق، أقصد المساحات السكنية الكبيرة بشكل عام، وربما لن يكون فيه حيز واسع للمساحات الصغيرة شبيهاً بالحيز الذي حظيت به في السوق خلال الفترات السابقة أو بالأحرى «أغرقته» إن صحّ التعبير.

هي حقيقة على كل مطور وكل مساهم في صنع المشهد العقاري المحلي إدراكها، وإدراك أن الوحدات السكنية ذات الحجم الصغير لم تعد تعطي جدواها، ما يؤثر بشكل كبير في أداء السوق.

وانطلاقاً من هذه الحقيقة، على هؤلاء جميعاً إعادة النظر في المشروعات السكنية المجدولة للتنفيذ والإنجاز في السوق، لمواكبة التغيرات في الطلب وتوجهات السوق المستقبلية.

دقة المقارنة للمشتري ووعيه بالفرق في المساحات بعيداً عن عدد الغرف المتكونة منها الوحدة السكنية، هما المتحكّم الأكبر في أداء السوق واتجاهاتها اليوم، ولا مجال للهروب من هذا الواقع الذي يجب اتخاذه كمؤشر لضخ تحديثات جديدة على خطة الإنتاج العقاري السكني، وإحداث تغييرات في مساحات الوحدات العقارية مستقبلاً.

لمَ لا تقفز مساحة الاستوديو إلى أكثر من 550 قدم مربعة بدلاً من 380 قدماً، ولمَ لا تقفز مساحة شقة مكونة من غرفة صالة، من 600 قدم مربعة إلى 800 قدم، ولمَ لا يتم طرح شقق غرفتين وصالة فما فوق بمساحات 1200 قدم مربعة وأكثر بدلاً من 750 قدماً، لمَ لا نجد تلك المساحات في معظم المشروعات السكنية الجديدة التي هي قيد التنفيذ إلّا مجموعة وحدات تعد على الأصابع لفئة محدودة جداً من شركات التطوير.. لمَ لا! هل هذا صعب أم مستحيل برأيكم؟

أدرك أن هناك عوامل عديدة تقف خلف ظاهرة تقليص مساحات الوحدات السكنية التي «غزت» السوق، بالتحديد مع نهاية عام 2016 وبداية عام 2017، لتواكب ظاهرياً متطلبات السوق واحتياجات أصحاب ذوي الدخل المحدود للإقبال والشراء كفئة مستهدفة بالدرجة الأولى، لكن هذا لم يعد نافعاً للسوق في الظروف الحالية وفي ظل تنوع الأسواق الخارجية المُصدّرة للمستثمرين وتنوع فئات المشترين، إلى جانب توسع شريحة المستخدمين النهائيين للعقار بفضل التسهيلات والقوانين الجديدة الداعمة لتعزيز استقرار الأفراد بالدولة.

بناءً على كل ما سبق، أتوقع تسجيل قفزة في المساحات الداخلية للمشروعات السكنية، خصوصاً الشقق، غير تلك المساحات الصغيرة التي «تغرق» فيها السوق حالياً، والتي زادت من وزن كفة المعروض على حساب كفة الطلب، وأترقب دخول تصاميم مختلفة ومبتكرة للمشروعات السكنية في المستقبل غير تلك التي نراها اليوم، وأتمنى من القائمين على القطاع استيعاب هذه الفكرة لمواكبة الطلب والتكيّف مع احتياجات متعاملي السوق الجديدة، وتوزيع الوحدات والمساحات حسب المناطق بدلاً من تعميمها على الكل وظلم بعض المناطق الموجهة خصيصاً للعائلات والأسر.

للإشارة كنت ناقشت سابقاً مسألة المساحات الصغيرة في موضوع سابق في 2020 بعنوان «اكتفينا من علب السردين»، ومرة أخرى أقولها في 2021: «اكتفينا من علب السردين.. فهل من مُصغٍ؟»، وعلى أمل أن تدخل هذه الكلمات ضمن «مخطط دبي الحضري 2040».

• «دقة المقارنة للمشتري ووعيه بالفرق في المساحات، هما المتحكم الأكبر في أداء السوق حالياً».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر