5 دقائق

ماذا تريد من مشاهدة فيلم؟

عبدالله القمزي

يتندر بعض القراء الذين يعرفوني شخصياً، وتندرهم على عبارة: «المشاهد سيخمن الفيلم وهو نائم» التي أذكرها عادة في قراءاتي للأفلام. السؤال الذي يُطرح عليّ: لماذا أشاهد ما أعرف نهايته؟ وما الفائدة من ذلك؟

هي تجربة، وأي فيلم تشاهده فإن وقتك خلاله هو تجربة. نقول: لماذا تذهب إلى مطعم معين وتختار أكلة تعرفها، أو تذهب إلى مقهى معين لتناول مشروب تعرفه؟ ومن الممكن أيضاً أن تغامر بالذهاب إلى مطعم/‏‏‏ مقهى لتجربة شيء جديد.

أنا أذهب إلى مقهى لتناول القهوة السوداء، ولدي صديق كلما جلس معي يطلب الكاباتشينو، وأتوسل إليه أن يغير فلا يقبل ويقول إنه لا يريد تجربة شيء لا يعرفه.

النفس البشرية متعددة الأهواء والأمزجة، هناك مغامرون أصحاب تجارب، وهناك من لا يريدون تغيير تجربتهم ويلتزمون منطقة الأمان.

في الأفلام السؤال كلاسيكي، وهناك مخرجون كبار يقولون إنهم لا يجدون متعة في الأفلام التي يستطيعون تخمين أحداثها، لكن كلام هؤلاء ليس شيئاً مقدساً سواء للنخبة من المشاهدين أو لعامة الجمهور.

هناك أسباب لمشاهدة أفلام تستطيع تخمين نهاياتها:

أولاً الذكريات: أنا أشاهد أفلاماً منذ التسعينات ومازلت أعيد مشاهدة أفلام أحفظها عن ظهر قلب، وكلما أعدت تجربة مشاهدتها أستمتع بها أكثر، وتحضرني ذكريات سعيدة.

ثانياً الخبرة: لو عرفت أن جون كلود فاندام مثلاً طرح فيلمين معاً: الأول اسمه «معركة الموت» وعلى ملصق الفيلم نجم الفنون القتالية البلجيكي يركل رجلاً آخر في وجهه، والثاني اسمه «رومانسية محطمة» وعلى ملصقه ترى فاندام مع ممثلة جميلة يبتسمان معاً، فأيهما ستشاهد؟

الملصق الأول يقول لك هذا فاندام الذي تعرفه، والثاني يقول لك ربما هذا شخص آخر يشبه فاندام لا تخاطر بمشاهدته. وبالطبع ستتجه إلى الأول لسبب معين سنذكره في الفقرة التالية، والآخر لو دخلته فأنت غالباً تريد أن تضحك على البطل لأنك تعرف أنه لا يصلح كبطل رومانسي.

ثالثاً اللذة: في مشاهدة أي فيلم هناك لذة خصوصاً لو كان صراعاً بين خير وشر، أنت تتلذذ بمشاهدة البطل ينتصر على عدوه في النهاية، وأنت تعلم أن ذلك ما سيحدث في المشهد الأخير منذ جلوسك تشاهده في بدايته.

أنت تتلذذ بمشاهدة أرنولد شوارتزينيغر وسلفستر ستالون وفاندام يفعلون ما يحسنون فعله في أفلامهم. أنت تتلذذ بالمحقق الذي يجد القاتل أو يقتله في النهاية، وتشاهد الفيلم لتراه يفعل ذلك أمامك وأنت تعلم أن هذا ما سيحصل.

أنت تتلذذ بمشاهدة البطل يفوز بقلب الفتاة التي يحبها، في كل الأصناف أنت تفضل النهاية التي يريدها قلبك، وهذا يعني أنك تختار مشاهدة شيء تعرفه وتستطيع تخمين أحداثه.

ليس السؤال لماذا تشاهد فيلماً تستطيع توقع أحداثه، لكنه ماذا تريد أنت من مشاهدته؟

موقف: شاهدت فيلم «Posse» لكيرك دوغلاس، وبعد أن صدمتني النهاية المحبطة لم أستطع النوم بسهولة وظل قلبي مقبوضاً من الغضب. أفلام هذا النوع جريئة ولو كانت كل الأفلام هكذا فلن تجد لها جماهير.

النفس البشرية متعددة الأهواء والأمزجة، هناك مغامرون أصحاب تجارب، وهناك من لا يريدون تغيير تجربتهم ويلتزمون منطقة الأمان.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر