كـل يــوم

بادرة مهمة لسدّ ثغرة «إدارات» المخاطر في البنوك

سامي الريامي

لا يخفى على أحد وجود ثغرة في الوظائف الخاصة بإدارة المخاطر في البنوك العاملة في الدولة، وهذه الثغرة كانت سبباً مباشراً في كثير من القضايا التي تسببت في خروج مئات الملايين من الدراهم من البنوك بسبب هروب مقترضيها.

ولعل هذه الثغرة متمثلة في غياب الموظفين المواطنين عن هذه الوظائف تحديداً، وسيطرة جنسية واحدة بعينها، تقريباً، على الإشراف والتنفيذ في إدارات المخاطر، لذلك حسناً فعل المصرف المركزي بإطلاق مبادرة وبرنامج لإعداد مفتشين مواطنين مؤهلين للإشراف والرقابة على إدارات المخاطر بالبنوك، بدلاً من أن تتحكم تلك الجنسية في الموافقات النهائية على منح التمويلات، وتالياً فهي تمنح وتمنع حسب رؤيتها الخاصة، الأمر الذي كلف القطاع المصرفي ملايين الدراهم الهاربة في حقائب هذا أو ذاك، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، ولا يمكن أن ينساها أحد!

المبادرة الجديدة التي أطلقها، مشكوراً، المصرف المركزي، وما تشمله من برنامج، توفر المعلومات والمهارات اللازمة للمفتشين لممارسة مسؤولياتهم، حيث تغطي المخاطر المالية ومخاطر سلوك السوق، ومواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.

ومن جانب آخر، يتم تقديم البرنامج من قبل كبار موظفي المصرف المركزي المختصين، وأعضاء هيئة التدريس في المعهد المصرفي الإيرلندي، ما يوفر مزيجاً فريداً من المعرفة النظرية والمهارات العملية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في زيادة فاعلية الإشراف، وفهم أفضل للمخاطر التي قد تواجه البنوك والمؤسسات المالية الأخرى في دولة الإمارات.

مبادرة «المركزي» الجديدة تخلق علاجاً جذرياً لتجاوزات وأخطاء إدارات المخاطر في بعض البنوك، وتمهّد لوضع نظام جماعي وإجراءات وضوابط للعمل تلتزم بها كل البنوك، بما يحفظ أموال المودعين، ويوقف منح التمويلات غير المدروسة أو التي تحظى بالموافقة بناءً على الاسم أو السمعة.

25 موظفاً وموظفة من المواطنين حصلوا على شهادة معتمدة للتفتيش على المخاطر من خلال برنامج تدريبي معتمد، بالتعاون مع المعهد المصرفي الإيرلندي، المعترف به من قبل كلية دُبلن الجامعية الرائدة في تدريب المصرفيين والمشرفين على البنوك منذ عام 1898.

والخبر الأكثر إثلاجاً للصدور، ما أعلنه «المركزي» أيضاً من أنه يعمل حالياً، بالتعاون مع اتحاد مصارف الإمارات، على إعداد خطة لتوطين الوظائف الحيوية في مجالات تخصصية كالمخاطر، والائتمان، والتدقيق، والامتثال، وهي الإدارات الأكثر حاجة إلى الكفاءات المواطنة، ممّن لديهم حس وطني وخوف على الصالح العام، والمال العام.

ليس سراً أبداً أن القطاع المصرفي عانى كثيراً من هذا «اللوبي» أو ذاك، والذي يخدم مصالح جنسيته بالدرجة الأولى، وحان الوقت لتسليم أبنائنا من المواطنين والمواطنات الذين يقترب عددهم من الـ10 آلاف موظف، أمانة الحفاظ على قطاع مصرفي يحمل سمعة الإمارات، ويعكس تفوقها، ويخدم تطلعاتها ونهجها بألّا شيء مستحيل.

10 آلاف مواطن ومواطنة، لابد أنّ فيهم من يصلح لتولي المناصب القيادية في البنوك كافة بلا استثناء، إذا تعامل المصرف المركزي بكامل صلاحياته في هذا الملف الشائك والمفتوح دون حلول جذرية منذ سنوات.

نعم هي خطوة تأخرت كثيراً، وكلفت قطاعنا المصرفي الأكبر في المنطقة الكثير، ولكن «أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي».

وجميعاً الآن نعوّل على المحافظ الجديد، خالد محمد بالعمى، ونأمل أن نرى تغييرات جذرية تُنصف مئات الكفاءات المواطنة التي تنتظر أن تأخذ فرصة فقط.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر