5 دقائق

معرفة النفس بداية الحكمة

الدكتور علاء جراد

يقول سقراط: «إن معرفتك بنفسك هي بداية الحكمة»، ويقول آدم سميث: «إن أول شيء يجب أن تعرفه هو نفسك، لأنك إذا عرفت نفسك يمكنك النظر لأفعالك بموضوعية كمراقب محايد».

إن معظم مشكلاتنا في الحياة، والسبب الرئيس في الإخفاقات التي قد يعيشها الكثير منا، والتجارب الفاشلة، مرجعها إلى عدم معرفتنا الكافية بأنفسنا، فالكثير لا يعرف نقاط قوته أو ضعفه بوضوح، والكثير لا يعرف ما يجيده وما لا يجيده، وما الوظيفة التي يصلح لها، وتلك التي يجب أن يبتعد عنها تماماً، فالبعض يصلح للتفكير والتحليل، ولديه نظرة استراتيجية، وبالتالي سيخفق لو وضع في وظيفة تتطلب متابعة والدخول في التفاصيل، والبعض الآخر مهيأ للعمل في مهام محددة وبدقة، ولا يُعنى بالصورة الأكبر ولا بالتحليل والتفكير، فقط يريد أن يعرف ما المطلوب بدقة. البعض يجيد التفاوض، ويصلح دبلوماسياً ناجحاً، والبعض يجب ألا يقترب من وظائف تحتاج إلى مهارات التفاوض. لقد رأيت الكثير من إخفاقات أصحاب شركات ناشئة ومديرين، لسبب بسيط، هو أنهم خبراء فنيون في مجالات معينة، ولا يستطيعون الابتعاد عن مجال خبراتهم، فهناك يشعرون بالأمان والثقة بالنفس، وبالتالي عند وضعهم في مهام إدارية استراتيجية لا يجدون أنفسهم، وسرعان ما يهربون إلى عالمهم دون أن ينتبهوا، وبالتالي لا ينجحون كمديرين أو قادة. من ناحية أخرى، عند اتخاذ القرارات، البعض منا يعتمد على مشاعره وعواطفه، والبعض الآخر يعتمد فقط على الحقائق والأرقام، وكل ذلك نابع من السمات الشخصية للإنسان، لذلك من المهم جداً أن نفهم سمات شخصيتنا جيداً، هل شخصيتنا تهيئنا للعمل ضمن فريق أم منفردين؟ هل تهيئنا لأن نكون موظفي موارد بشرية، أم مدققي حسابات، أم معلمين أم مستشارين؟ هل تساعد سمات شخصيتنا على العمل في خدمة العملاء أم كمتخصصين في التكنولوجيا؟ وبالطبع، وقبل كل ذلك، ما المجال الذي يجب أن ندرسه وفقاً لسماتنا الشخصية؟ فمن يعملون في مجال الطب والرعاية الصحية مثلاً يحتاجون لمهارات اتخاذ قرارات سريعة في التو واللحظة دون تردد. ومن يعملون في تدقيق الحسابات يحتاجون لشخصية حازمة، لا تتأثر بالعواطف أو التحيز، كما أن الكثير من الوظائف ومواقف الحياة تحتاج إلى درجة عالية من الثبات الانفعالي، وهي سمة لا تتوافر لدى الكثير من الناس.

إن أهم عوامل النجاح أن يدرك الإنسان ما الذي يمكن أن يبرع فيه ويتقنه، فيركز مجهوده وطاقته تجاهه، بدلاً من استنفاد طاقته في محاولة إتقان عمل أقصى ما سيحققه فيه أن يصل إلى مستوى متوسط. لحسن الحظ، لم يعد هذا الموضوع صعباً، حيث يمكن لأي إنسان معرفة نوع شخصيته باختبار بسيط لا يزيد على 12 دقيقة، يحدد من خلاله نوع الشخصية، وما الوظائف التي يمكن أن ينجح فيها، وما نقاط القوة والضعف، وهذا ما سأتحدث عنه في المقال المقبل، بإذن الله.

• إن أهم عوامل النجاح أن يدرك الإنسان ما الذي يمكن أن يبرع فيه ويتقنه فيركز مجهوده وطاقته تجاهه.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر