كل يوم

النسب المئوية قد تكون مضللة أحياناً!

سامي الريامي

يُمكن تعريف النسبة المئوية بأنها النسبة التي يُشكّل العدد 100 الجزء الثاني منها، وتعود كلمة النسبة المئوية في أصلها إلى الكلمة اللاتينية «Per Centum»، التي تعني لكل 100، وعادة يُعبّر عنها رياضياً بالرمز (%)، ويمكن توضيح مفهوم النسبة المئوية بشكل أكثر بساطة من خلال تخيّل تقسيم بيتزا كبيرة مثلاً إلى 100 جزء صغير، ففي هذه الحالة يُشكّل كل جزء من هذه الأجزاء نسبة 1% من البيتزا، أما ربع البيتزا فهو يُشكل نسبة 25% منها، أما البيتزا كاملة فيعبّر عنها بنسبة 100%!

أعتقد أن مثل هذه المعلومات لا يجهلها أحد، فالنسبة المئوية يسهل احتسابها، لكن من الملاحظ أن هذه السهولة ولّدت استسهالاً قد تكون له عواقب غير محمودة، حيث شاع في الآونة الأخيرة التركيز على استخدام النسب المئوية في موضوعات مختلفة، مع عدم ذكر الأرقام الحقيقية، أو بالأحرى مع غياب الأرقام الحقيقية، ما قد يعطي مؤشرات مضللة أو غير واقعية، وتالياً فإن اتخاذ قرارات أو خطوات واقعية مبنية على نسب غير دقيقة، سيرفع بالتأكيد نسبة الأخطاء، وتالياً الخسائر من دون شك!

وحتى يمكننا تفسير النسبة المئوية بشكل صحيح، ونحصل من خلالها على مؤشر واقعي صحيح، فإنه لابد من ذكر الأرقام الصحيحة، لأن الأرقام لا تكذب في العادة، لكن النسبة يمكن التلاعب بها، ويمكن استخدامها مؤشراً مضللاً لإخفاء رقم حقيقي!

ومن الملاحظ أن كثيراً من مسؤولي القطاع العام، وحتى الخاص، يعتمدون بشكل أساسي على النسبة المئوية في تصريحاتهم لإثبات حقيقة معينة أو التأكيد على خبر ما، ولعل أسهل جواب قد يعطيه مسؤول عند سؤاله عن توقعات مستقبلية معينة، هو ذكر نسبة مئوية مجردة من أي رقم صحيح، النسبة المئوية عادة، لذا فنحن نسمع ونقرأ بشكل يومي انخفاض الأسعار بنسبة 50%، أو انخفاض الإيجارات بنسبة 20 إلى 50%، وزيادة أعداد كذا 70%، وتأثر السوق 30% بسبب كذا!

والأغرب من ذلك، هو تحدث البعض عن المستقبل والخطط المستقبلية بطريقة الحديث عن الحاضر أو الماضي نفسها، ومن دون الاعتماد أو ذكر الأرقام الصحيحة، فنسمع مثلاً توقعات بزيادة نسبة الطلاق 15%، أو ارتفاع الأرباح 15%، وزيادة الدخل 10%!

الاعتماد على النسب المئوية مسألة غير دقيقة إطلاقاً، بل مضللة، والنسبة المئوية لا تعكس الحقيقة في غالب الأحيان، ربما تكمن أهميتها الوحيدة في إيجاد بعض المؤشرات، لكن هذه المؤشرات لا يمكن الاعتداد بها في كثير من الأمور والقضايا.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر