5 دقائق

الليدي زينب

الدكتور علاء جراد

منذ أيام قليلة انتهيت من مشاهدة مسلسل «الخواجة عبدالقادر» المأخوذ عن قصة حقيقية، الذي أعتبره من أروع وأجمل الأعمال الدرامية على الإطلاق، والذي يحكي قصة الخواجة الإنجليزي الذي ذهب في مهمة عمل إلى السودان فأسلم هناك، وتغيرت حياته، وحياة كل من عرفه وأحبه، وكيف استطاع التغلب على شكوكه ومخاوفه وتمسك بإيمانه، وفي وسط تأثري بهذه القصة وقعت على قصة رائعة لأول بريطانية تعلن إسلامها رسمياً، وكانت أول بريطانية تؤدي فريضة الحج في عهد الملك عبدالعزيز وفي ضيافته.

الليدي «إيفيلين كوبولد» وُلدت لعائلة أرستقراطية في أدنبره بإسكتلندا، عام 1867 كان والدها حاكماً لإحدى مقاطعات إسكتلندا، ولحبهم للأجواء الدافئة، كانت العائلة تسافر كثيراً إلى شمال إفريقيا وخصوصاً مصر والجزائر، كانت إيفيلين شغوفة بسماع الأذان ومعرفة تعاليم الإسلام وتشعر أنها وُلدت مسلمة، إلى أن زارت إيطاليا في بداية عقدها الثالث، وواتتها الفرصة لزيارة بابا الفاتيكان، فسألها إذا كانت مسيحية، وإذا بها تجيب تلقائياً بأنها مسلمة، بعد ذلك تعلمت اللغة العربية، وتفقهت في الإسلام أكثر، وانتقلت للعيش في شمال إسكتلندا، وكانت ترى دائماً أن الإسلام هو دين الفطرة، وأنه جاء لينظم حياة البشر.

بعد انفصال «إيفيلين كوبولد» عن زوجها وفي عمر السادسة والستين قررت أن تؤدي فريضة الحج، وكان من الصعب السفر للحج، خصوصاً على سيدة أوروبية، فكتبت إلى سفير المملكة العربية السعودية في عام 1933 حافظ وهبة، برغبتها في أن تزور بيت الله الحرام، وبالفعل قام السفير بالكتابة إلى الملك عبدالعزيز، وتمت استضافتها لأداء الفريضة بعد أن غيَّرت اسمها إلى زينب، فأصبحت الليدي زينب إيفيلين كوبولد.

قضت في جدة أكثر من أسبوعين وأعجبتها حياة البساطة في السعودية، ثم عادت لتكرس وقتها للكتابة وعمل الخير، فكتبت كتاباً بعنوان «الحج إلى مكة» تحدثت فيه عن رحلتها وعن فهمها لتعاليم الإسلام، وقد كتب المقدمة السفير حافظ وهبة، واحتفت السعودية كثيراً بكتابها وقصة حياتها.

توفيت الليدي زينب في عمر الخامسة والتسعين، ونظراً لأنه لم يكن هناك مسجد أو إمام في المنطقة كلها، ولأنها قد أوصت بأن يصلى عليها، فقد قام بالصلاة عليها إمام مسجد «ووكينغ» الذي قاد سيارته وسط الثلوج لمدة 16 ساعة، وقد أوصت بأن تدفن في ربوة ضمن مزرعتها في «ويستر روس» يكتب على قبرها الآية الـ35 من سورة النور التي تبدأ بـ«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ». ويعتبر قبرها مزاراً للكثير من المسلمين في بريطانيا.

لقد كانت هذه المرأة الوحيدة سفيرة للإسلام، وكتبت كثيراً عن مكانة المرأة واحترامها في الإسلام، وكانت تنادي بالتسامح وحرية العبادة، وأن الإيمان الحق هو الذي نهتدي إليه بقلوبنا وليس مجرد عبادات وشعائر فقط.

• كانت هذه المرأة الوحيدة سفيرة للإسلام، وكتبت كثيراً عن مكانة المرأة واحترامها في الإسلام.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر