ملح وسكر
الراحل الكبير
يوسف الأحمد
لن أسترسل في مناقب الراحل الكبير الشيخ حمدان بن راشد، طيّب الله ثراه، فهي تتحدث عن نفسها مثلما تحدّث عنها وتوقّف عندها النقاد والشعراء وأصحاب الرأي وجميع أفراد المجتمع، حيث أسهبوا في إبراز وتناول جانب مهم من حياته البسيطة المتواضعة، التي حفلت بحب الناس وأعمال الخير الجليلة التي قدّمها للبشرية دون تمييز بين عرقٍ أو لون، حيث عمد (رحمه الله) على إخفائها وإبعادها عن الأضواء والإعلام، فلم يجاهر أو يتباهى بها ولم يبتغِ منها مدحاً أو ثناءً، وإنما محبةً وإرضاءً لربه ثم كسباً للأجر.
فقد كانت منطقة مخفية من حياته، لكنها أشعت نوراً وأملاً لآلاف البشر وهو ما لم يدركه ويعلمه الغالبية من الناس سوى تلك القريبة أو تلك العاملة على مشروعات الخير الممتدة في أصقاع الأرض. فالوقت والمساحة لن تسع في التعمق والإبحار في مسيرته الكبيرة التي حملت بين ثناياها مواقف وطنية مشرفة ومحطات منيرة كان لها الأثر الكبير والانعكاس المثمر للتوجيه الإيجابي في معالجة الأخطاء وتصويبها عملاً من مبدأ المصلحة العليا والفائدة المشتركة. فهو المؤسس والأب الروحي لقلعة العميد التي قامت أركانها على كاهل فكره وعطائه ودعمه الذي لم يتوقف يوماً، بل من خلالها أرسى دعائم الاستثمار الطويل وأطلق مفهوم استدامة الموارد في الأندية والمؤسسات الرياضية، وبفضل رؤيته تحوّل نادي النصر اليوم إلى كيانٍ يعتمد ذاتياً على إيراداته التي تأتي من مصادر متنوعة، دون أن تتأثر ميزانيته بمتغيرات الدعم الحكومي للأندية.
كما أن بصمته امتدت إلى الموروث البحري، فقد كان داعماً ومموّلاً للرياضات البحرية التراثية التي احتضنها ورعاها طوال السنين الماضية، مسهماً بذلك في إحيائها بعد أن أوشكت على الاندثار، مثلما كان طرحه جاذباً وآراؤه سديدة في ملتقى سباق صير بونعير السنوي الذي ينتظره الإعلاميون عندما يستضيفهم في يخته العامر، لتتحول تلك الجلسة إلى ندوة إعلامية دسمة تناقش هموم وشجون الرياضة والكرة، إذ تُعد من الملتقيات الهادفة العفوية التي تأخذ أطروحاتها لاحقاً منحاً آخر في الاهتمام والدراسة من قبل المعنيين والمسؤولين. أضف إلى دوره الكبير في تعزيز ونشر رياضة ركوب الخيل في الدولة بفضل رعايته لسباقات التحدي والقدرة التي تبنت العديد من أبناء الدولة وفتحت الباب لممارسة واحتراف هذه الرياضة المميزة، مثلما كان حضوره في السباقات الدولية لافتاً ومنافساً لأشهر ملاك الخيول في العالم. فهذا قليل من الكثير الذي نعرفه وما لا نعرفه عن شخصه المتواضع والكريم، وصدق القائل: من تعرفه الخيل لا يجهله الناس، فرحمك الله يا بوراشد وأسكنك فسيح جناته.
Twitter: @Yousif_alahmed
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.