خارج الصندوق

المعادلة الصعبة

إسماعيل الحمادي

لأن الأصل في الاستثمار العقاري هو العائد والأرباح المحققة منه، فغالباً ما يشكل ذلك نقطة الجذب الأولى للراغبين في شراء عقارات بهدف الاستثمار.

- «العائد الاستثماري يشكل نقطة ضعف يمكن للمسوّق العقاري أن يتسلل منها للتأثير على قرار الشراء».

وهذا هو الطابع الغالب على شراء العقارات في دبي (هامش الربح والعائد من الوحدة العقارية)، فيما يشكل العائد الاستثماري، في الوقت نفسه، نقطة الضعف التي يمكن للمسوّق العقاري أن يتسلل منها للتأثير على المتعاملين وقرارات الشراء لديهم.

«شقة من غرفة وصالة للبيع بالمشروع الفلاني بعائد استثماري مضمون بنسبة كذا».. صيغة من صيغ الإعلانات العقارية التي ينتهجها بعض المسوّقين للعقارات، لجذب اهتمام المتعاملين، وغالباً ما ينجرّ خلفها الكثيرون ويعقدون صفقات شراء لا يعرفون نتائجها المستقبلية.

هذا ما يحصل فعلاً في السوق خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً على مستوى المناطق التي تشهد تسليم العديد من المشروعات المتشابهة في آنٍ واحد أو في أوقات متقاربة، ما يولّد منافسة حادة بين ملاك العقارات، بهدف إشغال وحداتهم واستقطاب المستأجرين، الأمر الذي يدفعهم إلى خفض قيمة الإيجارات بضغط من المستأجرين في ظل توافر الخيارات وزيادة المعروض.

وبالمقابل، تظل كلفة الوحدة مرتفعة، فيجد المالك نفسه أمام معادلة بحدّين: انخفاض قيمة الإيجار، وارتفاع قيمة تكاليف العقار، والنتيجة: تراجع نسبة العائد الاستثماري الذي كان متوقعاً أو مخططاً له عند الشراء.

في هذه الحالة: على من يُلقى اللوم؛ على المالك أم المطور أم على التكاليف المفروضة على العقار من الجهات المختصة؟

قد يقع اللوم على كل هؤلاء جميعاً، فمن حيث المالك كان عليه ألا يتخذ قرار شراء وحدة عقارية بناء على إعلان عقاري مغرٍ يضمن العائد الاستثماري، ذلك أنه في الحقيقة لا توجد نسبة عائد استثماري ثابتة في الأسواق العقارية، كونها خاضعة لعوامل عدة، منها قاعدة العرض والطلب، والظروف العامة الأخرى المتحكمة في قطاع العقارات، مثل الوضع الاقتصادي الداخلي والعالمي، والوضع الجيوسياسي، وحركة النمو السكاني، وغيرها من العوامل التي تؤثر على سعر الإيجارات، فتنخفض قيمتها إلى حد الصدمة منها، أو ترتفع بنسب تفوق التوقعات (كلا الاحتمالين واردٌ بسبب جملة الظروف المتحكّمة).

كما كان يجب على المالك كذلك بناء قرار استثماره على دراسات واقعية للمنطقة التي يقع فيها المشروع، ومعرفة عدد المشروعات المشابهة الموجودة أو التي سيتم تسليمها في هذه المنطقة، وكم وحدة مشابهة يضمها المشروع نفسه والمشروعات الأخرى.

من حيث المطور، وكجزء من مساهمته في تقديم الدعم غير المباشر للمالك، فعليه أن يدرس المنطقة ونوعية المشروعات المطروحة فيها، ليطرح مشروعاً مبتكراً ومختلفاً عن الآخرين، فيخفف من حدة المنافسة بين الملاك.

أما من حيث قيمة الكلفة المفروضة على العقار من الجهات المختصة، فهذا موضوع آخر، ولطالما تطرقنا إليه في موضوعات عدة ومختلفة، خصوصاً ما يتعلق برسوم الخدمات والصيانة والتسجيل العقاري، ومختلف التكاليف الأخرى المتعلقة بإجراءات التأجير التي نأمل إعادة النظر فيها، ولو مؤقتاً، لموازنة المعادلة ولو بنسبة ضئيلة.

المعادلة صعبة حقاً، وتتطلب منا الوقوف عندها لإيجاد الحلول المناسبة لها، فهل من حل؟

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر