5 دقائق

التكامل بدلاً من التقليد

الدكتور علاء جراد

قاربت شركة «أبل» على إبرام صفقتها الفريدة مع «كيا-هيونداي» في تحالف وتكامل فريد من أجل إنتاج «آي كار»، وهي سيارة ذاتية القيادة ستحمل علامة «أبل»، ويبدو أنها ستكون أقرب إلى الخيال العلمي، وستزيد انبهار العالم أكثر بشركة «أبل»، وفي الوقت نفسه ستزيد من قيمة «كيا-هيونداي»، ذلك التحالف مثال للعديد من الشراكات الناجحة والتحالفات الناجحة في العالم، الذي أصبح عالماً مختلفاً، البقاء فيه للتحالفات وللتكامل بدلاً من المنافسات القاتلة والاعتماد على الميزة التنافسية، العالم يتجه أكثر للميزة التكاملية عوضاً عن الميزة التنافسية، والشيء نفسه يجب أن يحدث على مستوى الأفراد أيضاً.

- لا أدري ما الصعوبة أو الغضاضة في أن يذكر الشخص مصدر المحتوى الذي ينشره.

الملاحظ في الكثير من الأحوال عندما يقدّم رائد أعمال منتجاً أو خدمة ناجحة ومبتكرة، سرعان ما ينسخ الكثير الفكرة ويقلدها، من دون أي مجهود أو ابتكار.

ويمتد ذلك من الشركات الناشئة إلى أبسط الأعمال والممارسات، حتى في منشورات الـ«سوشيال ميديا» وقنوات الـ«يوتيوب»، فبمجرد نجاح شخص ما في الوصول إلى رقم متابعين كبير، سرعان ما يهرول الكثيرون لتقديم قناة مماثلة أو محتوى مماثل، معتقدين أنهم سيحققون النجاح نفسه، وليست المشكلة هنا في التعلم من الآخرين، أو كما تشرح أدبيات الإدارة عن المقارنات المعيارية والتعلم من تجارب الآخرين، لكن المشكلة في التقليد الأعمى، بل الذي يتسم بالغباء أحياناً، ويبدو أن الموضوع مرتبط بالثقافة والنشأة، فالأغلبية العظمى لا تجد أي غضاضة في سرقة أي محتوى من قنوات التواصل ونشره على صفحاتها، كما لو كانوا هم مَن ألَّف ذلك المحتوى، والأسوأ أن الكثيرين منهم أساتذة جامعيون، وكذلك صحافيون ومحامون وأطباء، وغير ذلك من المهن.

وبالتالي، كيف نثق بصحافي أو أستاذ جامعي يسرق محتوى، ويضعه على صفحته من دون الإشارة إلى المصدر! أين النزاهة والمهنية، لذلك أصبح من العادي سرقة أفكار الشركات، بل وسرقة مجهود الآخرين من دون حياء.

لا أدري ما الصعوبة أو الغضاضة في أن يذكر الشخص مصدر المحتوى الذي ينشره، وما المشكلة في أن يتعاون البشر بدلاً من التقليد والمنافسة غير الشريفة أحياناً، أليس الأفضل أن يكون هناك تكامل، وبالتالي يقوّي كل طرف الطرف الآخر، ويسد النقص الذي لديه، ويتم تقديم محتوى متكامل.

أليس من الأفضل الاستفادة من الطاقة الإيجابية والقوة الناتجة عن التعاون والتكامل؟

ألم تحثّنا الأديان السماوية على التعاون مع بعضنا؟ ألم يحثنا القرآن الكريم على أن نتعاون على البر والتقوى؟ ألم ندرس في الدورات الكثيرة التي حضرناها أهمية العمل كفريق؟ ألم ندرس في المرحلة الابتدائية قصة الأب الذي جمع أولاده الثلاثة وأعطاهم عصاً ليكسروها فكسروها بسهولة، لكن عندما أعطاهم حزمة من العصي استعصى عليهم كسرها؟ ألم نتعلم الدرس بعد؟ وإن لم يكن الآن هو الوقت المناسب فمتى سنتعلم؟

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر