ملح وسكر

حالة فريدة

يوسف الأحمد

يبقى وجود المدربين، مهدي علي وعبدالعزيز العنبري، في دورينا حالة فريدة تعكس تغيراً في ملف التعامل مع المدرب المواطن، الذي بدأ يُزيح شيئاً من كثبان العراقيل من طريقه، مستحوذاً كذلك على ثقة الشارع الرياضي مع تعاقب الأحداث والزمن، ولعل القاسم كان مشتركاً بين المدربين إبان نهائي كأس السوبر، الذي جمعهما في مواجهة أُسدل ستارها باللون الأحمر، وفي مناسبة صحح فيها الفرسان انعطافاً لمسيرتهم التي لم تفارق منصات التتويج، مثلما جاءت أيضاً عودة مثالية ومميزة للكابتن، مهدي علي، بعد غياب طال عن الملاعب، فقد كانت دوافع اللقاء متساوية بين الاثنين واعتبراها أولاً إثباتاً للقدرات وتحدياً للذات، وثانياً دعماً لحظوظهما ووجودهما من خلال تغيير الانطباع عن المدرب المواطن، الذي يكافح لإيجاد موطئ قدم له في ساحة المدربين المحلية.

ولربما كان الدافع مُحفزاً عند مهدي، خصوصاً أن صحيفته لم تسجل أي إنجازٍ داخلي، مثلما اعتبره المراقبون اختباراً لاجتياز محطة مهمة في مشوار إحياء حضوره التدريبي الذي لا يختلف عليه ضدان، في الوقت الذي تقاسمت بطولتا الدوري والكأس تركيز العنبري وشغلت باله، كونه يصارع على تلك الجبهات التي يمتلك فيها منطقة خصبة من الحظوظ، ما يمنحه الفوز بألقابها، لكن خسارة السوبر ومصاعب الانتصارات بمواجهات الدوري أخيراً، أشعلت حفيظة فئات عديدة من جماهير الملك، التي أرجعتها من زاوية المبالغة في التحفظ وإفراط التمركز الخلفي الذي يشجع خصومها ويمنحهم الثقة والجرأة المحرجة لبطلها، بينما تأتي قراءة ورؤية العنبري من منظور فني مختلف يفرض عليه طابعاً وأسلوباً يراه الأنسب لمجاراة منافسيه والتحوط منهم.

رغم كل هذه المنغصات المحيطة بالقلعة الشرجاوية، إلا أن ذلك ليس مبرراً لمهاجمة المدرب وضربه من خارج الأسوار، مثلما أن التراجع والتذبذب واردان في مرحلة ما، ولا غرابة في ألا تستمر النتائج بالوتيرة نفسها، فهناك أمور خفية لها تأثير مباشر في الأداء، مثل الإصابات والإرهاق والغيابات، وغيرها التي لا يدرك صداعها سوى القريبين من المكان.

كنموذج مميز، فإن نهائي السوبر يعد تجربة فريدة للمدرب المواطن، لها العديد من المكاسب المعنوية والفنية، بعدما خرجت بفنيات وقيادة وطنية جديرة، أضافت قيمة ثرية وعكست صورة مغايرة قد يكون لها الكثير من الأثر الإيجابي مستقبلاً، بما قد يعيد تموضعاً أفضل للمدرب الوطني في خارطة التدريب، وفي خانة أهملتها أنديتنا طويلاً، وتقاعست عن دعم وتطوير ابن البلد، الذي يحتاج فقط إلى ثقة وفرصة كافية لإبراز مهاراته وقدراته، بحيث يحجز له موقعاً ثابتاً يرفع من خلاله أسهمه ويكفل له ظهوراً واستمرارية مع الأندية.

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر