ملح وسكر

مسلسل اللاعبين ومدربي المنتخب

يوسف الأحمد

يبدو أن مسلسل اللاعبين ومدربي المنتخب الوطني لن تنتهي فصوله، وستمتد مادام للحكاية بقية، والفضاء مفتوح الحركة دون قيدٍ أو منع، فما جاء على لسان الكولومبي بينتو بعد رحيله لم يكن مفاجأة للسواد الأعظم من الساحة، وإنما تأكيدٌ لتلك الاستنتاجات ورسائل العتب والاتهام التي كانت تطال معشر اللاعبين طوال السنوات الماضية.

- متى ما أردنا الانضباط لابد من إصلاح تتكامل فيه الضوابط مع المطالب.

فالواقع يعكس طبيعة الحياة التي تمرس عليها اللاعب في يومياته المعتادة من سلوكيات وعادات تتناقض مع متطلبات الاحتراف الفعلي والفاعلية المثلى تجاه ارتداء الشعار والدفاع عنه في مختلف الميادين، ولعل جزئية السهر قد أصبحت متلازمة مع النظام الكروي الذي يعيشه اللاعب بغض النظر عن نوعية الرابط الذي يجمعه مع المنتخب أو فريقه المحلي، فما يحدث داخل أروقة الأندية أو معسكرات المنتخب ليس وليد اللحظة أو اليوم، وإنما مشكلة يعانيها اللاعب نفسه قبل الأطراف الأخرى المعنية به، فهو في قرارة عقله يريد دفع الشبهة عنه والتغلب على هذه العادة السيئة بترك السهر بعد أن أصبح عاراً يطارد جُلهم في كل محفل. البعض ملتزم والآخر يتظاهر بالحد الأدنى من الالتزام تجاه أنظمة الأندية ولوائح المنتخبات، لكن نمط الحياة يستعصي على التحكم بمغرياته الترفيهية التي أيضاً يصعب مقاومتها مقارنة بالأماكن الأخرى من العالم، والدليل هو التباين والانقلاب الملحوظ في مستوى الأجانب مقارنةً بأدائهم قبل مجيئهم إلى دورينا. فالانسيابية والمرونة المعيشية لدينا تشجعان الآخر على التعايش والتأقلم مع المكونات البشرية والاجتماعية المتواجدة على هذه الأرض، والتي خلقت نموذجاً من التمازج الفكري والسلوكي بين أفراده بسبب المقومات والعوامل المدعومة بعناصر الأمان والخدمات، ثم التسهيلات التي أوجدت بيئة متكاملة من الرفاهية والمتعة يندر التقاؤها معاً في مناطق أخرى من الوسيعة. وعليه فإن اللاعب المحلي لا يمكن عزله عنها، بل يعتبر جزءاً من هذه المنظومة التي لن يستقيم عودها في ظل لوائح هشة باتت بحاجة إلى تحديث وبرمجة لأنظمتها، بحيث تتحكم وتفرض على اللاعبين قيوداً تحد من اندفاعهم ومراهقتهم السلوكية أحياناً، والتي أوجدت مساحةً حرة من المشاكسة، كانت ومازالت تبعاتها انفلاتاً وتراجعاً فنياً حملهم اتهاماً وذنباً لا يغتفر. لذلك غادر بينتو وسيحل غيره، ثم سيرحل أيضاً، وستعاد الأسطوانة ذاتها مادام في الجو غبار، فمتى ما أردنا الانضباط لابد من إصلاح تتكامل فيه الضوابط مع المطالب، وإلا سنظل كما نحن على الرصيف متفرجين نردد «يا ليل ما أطولك!».

Twitter: @Yousif_alahmed

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر