5 دقائق

رأس المال الروحي

الدكتور علاء جراد

في خضم الأزمات الطاحنة التي يمر بها العالم، والتي تؤدي كل يوم الاى مزيد من الاكتئاب والخسائر على مستوى الأفراد والمؤسسات والحكومات، بدأت أصوات تنادي بمفهومي رأس المال الروحي Spiritual Capital والروحانية المؤسسية أو Organisational Spirituality، وهي من الموضوعات التي أقوم بتدريسها لطلاب الماجستير، والتي استهوتني كثيراً أخيراً، ووفقاً لهذه المفاهيم، فإن على مؤسسات الأعمال والأفراد والحكومات العودة إلى النفس، والتوقف، وتأمل ماذا نكسب لو حققنا مكاسب مالية قصيرة الأجل، على حساب خسارة أنفسنا وإيماننا وذاتنا.

إن الإغراق في المادية والمكاسب الزائلة قد أدى إلى الكثير من الكوارث التي دمرت أعداداً كثيرة من البشر، سواء انهيار الأسواق المالية، أو فساد شركات كبرى، أو تأجيج الحروب، والتسبب في الكثير من الكوارث البيئية.

يعني رأس المال الروحي الفردي وجود نظام قيم شخصي واضح، ورؤية أخلاقية شخصية، وروح ودافع للوصول إلى معايير أخلاقية في أداء الأعمال.

وسيشهد موضوع رأس المال الروحي والروحانية المؤسسية المزيد من الاهتمام على مستوى الأعمال، وسيتبعه سن السياسات، ثم التشريعات التي تستدعي من المؤسسات صياغة والالتزام بقواعد أخلاقية يتم الاتفاق عليها.

ولا أستبعد صدور مواصفات ومعايير دولية لتقنين وتنظيم هذا الجانب، على الرغم من صعوبته، لأنه في النهاية يلمس عمق النفس البشرية، ومن الصعب مراقبته، ولكن إذا نجحت المجتمعات والمؤسسات المدنية في تعزيز الجانب الروحي لدى البشر، فسيتغير الكثير، ويفترض أن الممارسة السليمة والواعية لتعاليم الدين كفيلة بحل هذه القضية، ولكن للأسف أصبح الدين مجرد أداة أو سلم للوصول إلى غايات وأجندات شخصية ودولية، بل إن المتاجرة بالدين أصبحت العرف السائد في هذا الزمن، لدرجة أدت إلى إلحاد الكثير من الشباب، أو على أقل تقدير فقدان إيمانهم بالأديان، أو عدم الإيمان بوجود الخالق عز وجل فقط.

لقد تراجع دور المؤسسات الدينية بدرجة كبيرة جداً، لذلك ظهر التوجه نحو الجانب الروحي، وظهور مصطلحات تنطوي على الروحانية كبديل لكلمات ذات صفة دينية حتى لا تزيد هوة الخلاف، فقد ابتكرنا تعبيرات كثيرة غير دينية لذلك، مثل «روح الفريق»، «روح الشركة»، «النوايا الحسنة».

إن رأس المال الروحي جزء كبير من الحياة اليومية، ويجلب الحيوية للمؤسسات، ومن داعمي التوجه الروحي والأخلاقي في مجال الأعمال «بيل غيتس»، كما أن هناك بعض الشركات الكبرى التي تنطوى رسالتها ورؤيتها صراحة على جانب روحي أو ديني، مثل شركة ميرك، وشركة سيرفس ماستر، وكذلك شركتي أي بي إم وألاسكا إيرلاينز. ختاماً من السهل تبني ذلك المفهوم في العالم العربي، مهبط الأديان.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 


إن رأس المال الروحي جزء كبير من الحياة اليومية ويجلب الحيوية للمؤسسات، ومن داعمي التوجه الروحي والأخلاقي في مجال الأعمال «بيل غيتس».

تويتر