5 دقائق

قصة صاحب المحمصة

عبدالله القمزي

يواجه رجل سليط اللسان صعوبة في دفع إيجار شقته الواقعة في عمارة. طلب من مالك العمارة تفهم وضعه إلا أن المالك قال له كل المستأجرين يدفعون المبالغ كاملة إلا أنت، وكلانا يعلم أن سبب عدم قدرتك هو سوء إدارتك لأموالك.

في يوم ما، أتى رجل يمتلك محمصة قهوة خلف العمارة ويبحث عن مسكن قريب، فقال له صاحب العمارة لا شاغر لديه لكنه يستطيع التفاهم مع ساكن الشقة (1)، حيث إنه لا يستطيع دفع المستحقات وحده. تفاهم صاحب المحمصة مع الساكن في (1) واتفقا أن يسكنا معاً ويتقاسما الإيجار.

لاحظ صاحب المحمصة أن شريكه في السكن بالكاد يدفع ربع المبلغ، فاقترح عليه أن يعمل عنده في المحمصة ويزيد دخله وبالتالي يدفع نصف قيمة الإيجار، ووافق. بعد شهرين لم يتغير الوضع، فطلب صاحب المحمصة من شريك السكن الخروج خصوصاً أن الأخير لم يبادر حتى في تحسين مستواه في المحمصة، لكن صاحب المحمصة لم يستغنِ عنه لحاجته إليه.

تشاجر الاثنان وعلا صوتهما حتى أصبح شجارهما حدثاً معروفاً لكل ساكني العمارة الذين انحازوا لشريك السكن نظراً إلى تاريخهم مع لسانه السليط، ففضلوا اتقاء شره وأيدوه.

ذات يوم طلب صاحب المحمصة من ساكن الشقة (4) أن يقنع شريك سكن (1) بالانتقال عنده. فقال ساكن (4) إن وضع شريك شقة (1) الاقتصادي أفضل اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب وظيفته في المحمصة، وأنهما يجب أن يتفاهما لأن لا أحد يريد الخوض في أي مسائل مع شريك شقة (1).

توفي مالك العمارة، وانتهز شريك شقة (1) الفرصة ونفذ أعمالاً تخريبية لدفع صاحب المحمصة إلى ترك الشقة. اقتتل الطرفان وتدخل بقية السكان للفصل بينهما وتهدئة الأوضاع، لكن صاحب المحمصة امتعض لأنهم متعاطفون مع شريكه ويتهمونه بعدم مراعاة حالة الأخير.

غير بعيد، كان هناك رجل يراقب الفوضى الحاصلة، وقرّر التدخل، فذهب إلى ورثة العمارة وأقنعهم بإخلاء الشقتين (9) و(10) مقابل أن يدفع هو ضعفهما، فوافقوا. جلب الرجل مخربين وأسكنهم الشقتين وطلب منهم ارتكاب أعمال استفزازية أسفر عنها خروج الكثير من سكان العمارة وترك شققهم خلفهم ليستولي عليها الرجل ويجلب مزيداً من المخربين.

شعر من تبقى من ساكني العمارة أن خروجهم على يد المخربين قد اقترب، فقرروا الجلوس مع بعضهم وبحث خطة عمل، اقترح صاحب المحمصة تنفيذ عمليات تخريبية مضادة، فوافقوا جميعاً إلا شريكه في السكن الذي اقترح حل مشكلته هو أولاً.

لكن الوضع كان خطيراً، فلو ظل البقية من ساكني العمارة مكتوفي الأيدي سيفقدون مساكنهم، فقرروا الاصطفاف مع صاحب المحمصة والتعاون لتنفيذ الخطة.

وفوجئ زعيم المخربين بمقاومة شديدة وكان المشهد العام أقرب إلى حرب: فريق يحاول بسط نفوذه على العمارة وفريق آخر يرد بحزم، ما أجبر الطرف المعتدي على وقف العمليات والانكفاء على نفسه.

تبدل المشهد تماماً، وتحول صاحب المحمصة من ساكن منبوذ إلى عضو فاعل ومهم. أما شريكه في السكن فأصبح وحيداً في عزلته يندب حظه ويتمنّى الانتقال إلى الطرف الآخر لينتقم من صاحب المحمصة.

bdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 


الوضع كان خطيراً، فلو ظل البقية من ساكني العمارة مكتوفي الأيدي سيفقدون مساكنهم، فقرروا الاصطفاف.

تويتر