كـل يــوم

العمل الحكومي في دبي.. من الجمود إلى التطوير

سامي الريامي

العمل الحكومي في دبي يحتاج إلى نقلة جديدة، نقلة تحرك الجمود، وتكسر الروتين، وتحفز الأذهان، وتُحدث التحول المنشود، الذي يتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة.. مرحلة تحمل عنوان المبادرات الفعالة، والعمل المتواصل، ومرحلة القضاء على الترهل، وإعادة رشاقة الجهاز الحكومي إلى سابق عصره وأفضل، لذلك كان تدخل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من خلال تشكيل لجنة عليا للتطوير الحكومي في دبي.

من خلال تفاصيل وحيثيات قرار تشكيل اللجنة العليا للتطوير الحكومي، يمكننا الوقوف - وبشكل واضح - على أبرز أماكن الخلل الحالية التي يعانيها الجهاز الحكومي، والتي تعيق عمليات تطوره وتقدمه، أهمها: ابتعاد بعض الدوائر والجهات عن الدور الأساسي الذي أنشئت من أجله، ما تسبب في تداخل وتشابك وتعارض العمل بشكل واضح، تداخل بين الدوائر بعضها بعضاً من جهة، وبينها وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، هذا التداخل أدى إلى مزيد من الخلافات والتعقيدات، والهدر في الوقت والمال.

لذلك كان أول هدف استراتيجي نص عليه المرسوم، هو «التركيز على الدور المحوري والرئيس لحكومة دبي والجهات الحكومية»، وكان واضحاً في إيضاح هذه النقطة تحديداً دون مواربة، حيث نص على «حصر وتحديد المهام والاختصاصات الرئيسة للجهات الحكومية، وتعزيز التنسيق بينها، بهدف زيادة كفاءتها ورفع جودة خدماتها».

لابد أن تستعيد الحكومة دورها الأساسي، والمتمثل في كونها المحفز الرئيس للقطاع الخاص، لا أن تتداخل معه، وتنافسه، وتمارس مهامه، أو تضغط عليه وترهقه، فالدور الحكومي يجب أن يتمحور في قيادة عملية التنمية، وتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وهذا لن يتم إلا بعودة الدوائر الحكومية لممارسة دورها الأساسي، دورها في التحفيز وتقديم التسهيلات، لا المنافسة وتعقيد الإجراءات!

ليس سراً أبداً إن علمنا بوجود ترهل واضح في الجهاز الحكومي، سببه التشعب والتوسع في إنشاء دوائر ومؤسسات وأجهزة عدة، ربما كانت مفيدة في فترة من الفترات، وربما كانت تتناسب مع مرحلة الانتعاش الاقتصادي، لكنها حتماً لا تتناسب مع المرحلة الحالية، ولا تواكب الظروف الاقتصادية العالمية، لذا من الضروري جداً إعادة النظر في الهيكلة العامة، وبدء العمل على زيادة رشاقة الجهاز الحكومي من خلال الدمج بين الجهات ذات الطبيعة المتماثلة، وكذلك تقليل أعداد الهيئات واللجان، وبذلك نستطيع تعزيز الإنتاجية، وتفعيل كفاءة إدارة الموارد المالية والبشرية.

وجود ترهلات لا تتناسب مع ظروف وتحديات المرحلة المقبلة أمر ملموس، لذلك كان المرسوم أيضاً واضحاً وصريحاً، حيث أكد على تطوير الجهاز الحُكومي للإمارة، وزيادة كفاءته وفاعليته، وجعله أكثر رشاقة، إضافة إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد الحكومية وتحقيق الترشيد الحكومي، سعياً لتحقيق رؤية حكومة دبي في جعلها حكومة تشاركية، رشيقة وفعالة، مسؤولة وشفافة، ومبتكرة، تركز على النتائج والأداء، ومحورها الفرد والمجتمع، وهذا ما جاء نصاً صريحاً في الخطوات الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيقها اللجنة العليا للتطوير الحكومي، وفقاً لمرسوم تشكيلها.

قلناها مراراً وتكراراً: صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يعطي فرصاً لا حصر لها للمسؤولين، لكنه دائماً يتدخل في الوقت المناسب، ولديه من الإمكانات والخبرة والرؤية الواضحة، ما يجعل تدخلاته حتماً ناجحة وفاعلة، كما أنه يعرف تماماً كيف يراهن على خيوله الرابحة، فيدفع بها في الوقت المناسب، لتحقيق ما يراه مناسباً، ولاشك إطلاقاً في رجاحة اختياره، ورجاحة وكفاءة من اختاره، فهو فعلاً على قدر الثقة، وقدر الرهان!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر