رأي رياضي

«لا يستقيم الظل والعود أعوج»

حسين الشيباني

في كل دول العالم المتطوّرة في مجال كرة القدم، والمطبقة للاحتراف كمشروع من أجل تحقيق نهضة كروية متميزة، ترى التخصص جزءاً أصيلاً من العمل اليومي في الأندية والاتحادات والروابط المحترفة سواء في أوروبا أو شرق آسيا. غير أن المشكلة العامة التي تشترك فيها دورياتنا الخليجية سواء كانت محترفة أو هاوية، تكمن في غياب الإداري المحترف، المتفرغ لدوره في إدارة العمل الكروي، وإدارة شركات كرة القدم في الأندية، والتخطيط لمستقبل اللعبة في الأندية والمنتخبات، لنجد أن الإدارة الهاوية تقود مشروع دوري المحترفين.

وقد أثبتت التجارب الاحترافية الخليجية في السنوات الأخيرة، أن معظم «الكوارث الكروية» تأتي من الإداريين الهواة، فقراراتهم يشوبها الارتعاش في كثير من الأحيان، إما للخوف من النقد الإعلامي أو لأن تلك القرارات «عشوائية» غير مدروسة، ولم يتم وزنها بالشكل المطلوب قبل إصدارها، ولا يكاد يمر موسم في أي دوري خليجي دون أزمة في قانون أو في قرار أو في إدارة أي جانب يتعلق بكرة القدم.

ولعل أبرز صور التخبط الإداري في التعاقدات العشوائية مع اللاعبين الأجانب أو المواطنين، دون رؤية واضحة لاحتياجات الفريق من مراكز اللاعبين، وناهيك عن المبالغ المالية المبالغ فيها بتلك الصفقات وسرعان ما يتم تبديلهم في فترة الانتقالات الشتوية.. والمشكلة تكمن في أزمة الإداري.. لأنه من يقود اللعبة.

وبما أن فاقد الشيء لا يعطيه فلا يمكننا انتظار الأفكار الإبداعية، أو العمل الاحترافي والتخطيط العلمي والعملي للعبة. وحتى من يقودون الروابط المحترفة في دورياتنا، فضلاً عن أعضاء مجالس إدارات الأندية واتحادات الكرة، ترى أن ما لا يقل عن 90% منهم هواة، وغير محترفين، وهم جاؤوا لمناصبهم إما لأنهم رجال أعمال أو لأنهم أصحاب ثقة وحظوة من القيادات الرياضية الأكبر، أو على أقل تقدير تجدهم موظفين وأصحاب أعمال خاصة. بعيداً عن التخصص الرياضي ويزيد من فداحة الأزمة تفرد دورياتنا الخليجية بما يسمى «الإداري السوبر»، الذي تجده مسؤولاً في هيئة وعضواً في اتحاد ومديراً في نادٍ، فتعدد المناصب الإدارية الرياضية للإداري نفسه الذي عادة ما يكون مرتبطاً أصلاً بوظيفة أو أعمال خاصة. فمن أين يأتي بوقته؟ وكيف سيتفرغ لإدارة كرة القدم في النادي إذا كان مشغولاً بعمله في الفترة الصباحية؟ وإن آفة إدارة الكرة الخليجية هي غياب مفهوم الاحتراف الإداري والتخصصي، وإن الكرة الخليجية يعيبها غياب الإداري المحترف، صاحب التخصص في عمله وفي إدارة اللعبة، وهو أبرز المعوقات التي قد تؤدي للحد من التطور المنشود في العملية الاحترافية برمتها.

مشكلات الكرة الخليجية سببها الأول هو استمرار وجود الإداري غير المتخصص، وغير المتفرغ لأنه ليس مؤهلاً لإدارة منظومة الاحتراف، ويزيد فداحة الاحتراف أن اللاعبين المحترفين الذين لديهم عقود احتراف بمبالغ خيالية غير متفرغين للعبة لأنهم يعملون في الفترة الصباحية في جهات حكومية!! «أي احتراف نحن نعيشه؟».. «لا يستقيم الظل والعود أعوج».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر