خارج الصندوق

«الكاش باك» بين جرأة المتعامل وخضوع الوسيط!

إسماعيل الحمادي

ممارسة جديدة تدخل السوق العقارية، لا أدري كيف أسمّيها، هل هي تجاوز حقوق، في وقت يعتبرها أصحابها ذكاء خارقاً، أم هي ابتكار.. لكنها ليست كأي ابتكار.

الـ«كاش باك» أو ما يسمّى لغوياً بالاسترداد النقدي، أصبح وسيلة من الوسائل التي ينتهجها بعض المتعاملين إن لم نقل معظمهم، كمحاولة منهم لشراء عقار بأقل سعر ممكن.

الـ«كاش باك» أضحى ظاهرة يمارسها العديد في السوق العقارية حالياً، لا سيما عندما تصل قيمة العمولات للوسطاء بين 5 و7%، وهنا يلّح المتعامل على فكرة الاسترداد النقدي لنسبة معينة من قيمة سعر الشراء، وكأنه يقول للوسيط بصريح العبارة: «أعطني جزءاً من عمولتك على معاملة الشراء!!».

هذه الفكرة انتشرت بين المتعاملين، لدرجة أن أي متعامل يرغب في شراء عقار، وقبل أن يعرف مميزات العقار والعروض التي ترافقه من خصومات على نسبة التسجيل العقاري ورسوم الخدمات وغيرها، فإنه يسأل الوسيط العقاري عن نسبة الاسترداد النقدي من قيمة الشراء!!

فعلاً أمر عجيب، في الوقت الذي يجب فيه على الوسيط العقاري أن يسأل على نسبة عمولته، انعكست الصورة، وأصبح المتعامل يسأل عن نسبة المبلغ الذي يمكن أن يسترده من قيمة عقد الشراء.

في وقت مضى، كان الوسيط العقاري له الحق في العمولة من الطرفين البائع والمشتري، ومع الوقت تنازل عن حقه فيها من جهة المشتري، واكتفى بتقاضي عمولته من البائع فقط، كآلية من آليات تشجيع البيع وتنشيط السوق التي تهدف في مضمونها إلى تقليل تكاليف شراء عقار على المتعاملين، ومنحهم المزيد من التسهيلات لتملك منزل أحلامهم، أو وحدة عقارية للاستثمار. وفجأة يأتي اليوم الذي أصبح فيه المتعامل ينظر إلى «رزق» الوسيط من جهة البائع!!

شخصياً، لا ألوم المتعامل، إذا رجعنا إلى منشأ هذه الظاهرة وبداية استفحالها في السوق، فليس العيب في المتعامل بعينه، وإنّما في الوسيط العقاري الذي أسّس لهذا الأسلوب.

الظاهرة بدأت عندما كان بعض من الوسطاء العقاريين محدودي الرؤية، الذين لا ينظرون إلّا عند أصابع أقدامهم، ولا يبالون بمستقبل السوق والقطاع، وحتى مستقبلهم، لو فكّروا مليّاً ساعتها.

ولأجل تحقيق حلمهم كصانعي صفقات عقارية، والوسيط المفضل لدى المطور، استأثروا على أنفسهم أن يأخذوا عمولتهم كاملة من المطور، ليمنحوا نسبة منها للمشتري، بشرط أن يشتري من ذلك المشروع، ومن هنا بدأت الظاهرة، وانتشرت لتصل إلى مسامع متعاملين آخرين، فيتهافتون على أولئك الوسطاء، وليتعدّى الأمر إلى وسطاء آخرين، منهم من رضخ للأمر الواقع، ومنهم من تمسّك بحقه فدفع ثمن ذلك.

لهذا النوع من الوسطاء خصيصاً، أقول: أن تتنازل عن نسبة من عمولتك لتصنع لك اسماً في السوق ليس ذكاء، لأنّك ستخسر الكثير في المستقبل إن حسبتها صح، وليست الجرأة أن تجذب متعاملاً عن طريق استرداد نسبة من قيمة الشراء، بل الجرأة أن تتمكن من إقناع المتعامل بالتوسط له لدى المطور العقاري، وجلب خصم خاص به على سعر العقار. والذكاء الأكبر لك أن تتمكن من إقناع المطور بذلك الخصم!!

تمعن فيها وحلّلها كما تريد، هذا رأيي، وعمولة الوسيط حقّ كفله له القانون، فمن أنت لتخترق هذا القانون؟

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر