5 دقائق

دبي.. معشوقة القلوب

عبدالله القمزي

بعد أن أفنى بها عمراً، قالوا لزميل عربي: ربما حان وقت العودة إلى بلادك. فقال بالحرف: «أسكن في دبي فقط، لازم في دبي، لن أخرج من دبي»، وقتها لم أفهم سبب إصراره على دبي.

بعد 18 عاماً، اليوم في صيف 2020، لم تمر علينا فترة أقسى من العزل المنزلي 24 ساعة. كانت فترة صعبة على سكان دبي إلا أنها علمتنا قيمة الحياة التي افتقدناها قبل «كوفيد-19». نحن في دبي على وجه الخصوص تعودنا نوعاً معيناً من الحياة، وهي حياة تربينا عليها وأخبرنا عنها آباؤنا وأجدادنا وكل من سكن دبي وشاركنا لقمة العيش يعرفها.

دبي مدينة الحياة، يدب النشاط في أوصالها حتى لو غابت عنها الشمس، وهذا ما افتقدناه أثناء العزل. صباحاً وظهراً ومساءً وليلاً وفجراً، دبي مدينة لا تهدأ من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.

صحيح أن دبي غابت عن أنظارنا في العزل لكنها بزغت في قلوبنا.. دبي النابضة بالحياة المفعمة بالنشاط والحيوية تعود لاستقبال ضيوفها عبر مطارها.. عادت لتبتسم للعالم وتحتضن زوارها في ربوع المدينة الجميلة.. دبي التي لا تموت على مدار اليوم.. عادت إلى النشاط وأعادتنا معها إلى الحياة.

دبي دار الحي ليست وليدة اللحظة، لو قرأنا تاريخها لوجدنا أنها ملتقى القوافل وطريق رئيس للتجارة في الخليج، هذه جينات دبي وشفرتها الوراثية لن تتغير، استحقت لقب لؤلؤة الخليج في منتصف القرن الماضي، وتحولت إلى دانة الدنيا في التسعينات عندما انطلق مهرجان التسوق الجميل، وعبرت التسعينات إلى القرن 21، وهنا في هذه المرحلة تحولت دبي إلى أيقونة حضارية عالمية.

عصفت الأزمة المالية بالدول، لكن دبي كان لها ردّ آخر، فأهدتنا برج خليفة ودبي مول، مشروعات أتت في عز أزمة مالية.. دبي بفضل من الله ونعمة واحة أمان مشرقة وتحتفل ببرجها كل عام بالألعاب النارية.

هي مدينة الأحداث والمهرجانات والمعارض والمؤتمرات العالمية، هي ملتقى البشر كما أراد لها بانيها المغفور له - بإذن الله - الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ويجددها ويزينها ويطورها ويسهر عليها ويحرسها بوراشد - حفظه الله - وأبناؤه الكرام.

كم اشتقنا إليك يا معشوقة القلوب، ما أروع العودة إلى أحضانك بعد العزل. ما أجمل لهيبك الحار صيفاً، يكفينا أنك عدت إلينا بعمرانك الشامخ وأسواقك المبهرة وشوارعك المرتبة المزدحمة الصاخبة.. وصخبها كلحن في أسماعنا. يكفينا النظر إليك لننسى حر الصيف. أنتِ الحب وأنتِ العشق وأنتِ الإلهام وأنتِ الجمال.

دبي نحن نعشق صحراءك وحضارتك.. شغوفون بجمالك وتألقك، نهوى نجومك المتلألئة بعد المغيب وأنوارك المتناثرة على مد البصر.. نهيم بنسيم صيفك يا تحفة النظار ويا متعة الأبصار.. يا دبي البهجة والفرح والسرور. لا تغيبي عنا يا عروس الكون.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


دبي مدينة الحياة، يدب النشاط في أوصالها حتى لو غابت عنها الشمس، وهذا ما افتقدناه أثناء العزل.

تويتر