مساحة حرة

عبارة الفخر.. صُنِعَ في الإمارات

فيصل محمد الشمري

قبل سنوات طالعت مع صديق صوراً افتخرنا جميعاً بها، تظهر الفتاة الإماراتية ممسكة بأناملها أدوات ومعدات هندسية، لتبدع وتصنع أجزاء تقنية متقدمة لاستخدامات هندسية تتعلق بالطيران، وبزوايا تقارب 90 درجة، فطلبت منه تجربة حمل الأداة ذاتها التي لا يقل وزنها عن 700 غرام لثماني ساعات طوال أيام العمل في الأسبوع، وماذا ستكون النتيجة! فتساءل: ما هو البديل؟ فطرحت مفهوم علوم تصميم بيئة العمل (Ergonomics Design)، وأهميته في رفع الكفاءة والإنتاجية، وتعزيز الصحة والسلامة في بيئة العمل، بل واستخدام ممكنات هيدروليكية أو ميكانيكية، وصولاً إلى تعزيز «أتمتة» مراحل التصنيع باستخدام الروبوتات، وتلا ذلك تبني هذه الشركة تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، لتصبح نموذجاً لهذه التطبيقات في الدولة..

- الابتكار مسألة مهمة تحولنا إلى دولة مصدرة للتقنيات.

إن السعي المبكر لحكومة دولة الإمارات لتعزيز جاهزية المستقبل والابتكار والثورة الصناعية الرابعة، أسهم في تشكيل «مجلس الإمارات للثورة الصناعية الرابعة»، واعتماد استراتيجية الدولة، للمواءمة مع توجهات الدولة، وتحقيق نهضة صناعية تعتمد على التقنيات المتقدمة بسواعد وعقول وإبداعات شباب الوطن.

كما أن الاستعداد لمرحة ما بعد «كوفيد-19»، والتحديات والمخاطر المركبة، أظهر أهمية الاستثمار في الصناعات المؤتمتة، والروبوت، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وغيرها. وتوقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة دبي للمستقبل وشركتي «مبادلة للتنمية» و«جنرال إلكتريك العالمية» لإنشاء مصنعين في دولة الإمارات، هما الأول من نوعهما في المنطقة، لتطوير مشروعات الطباعة ثلاثية الأبعاد، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أثناء القمة العالمية للصناعة والتصنيع، التي استضافتها أبوظبي في عام 2017، يعكس تطلعات طموحة لمستقبل أكثر ابتكاراً وتطوراً، فضلاً عن افتتاح مركز الثورة الصناعية الرابعة في «منطقة 2071»، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2019، ليكون المركز الأول من نوعه إقليمياً، والخامس عالمياً.

ومع تسارع دخولنا لصناعات الفضاء، وتركيزنا على مجالات متقدمة، تتمثل في الطب الدقيق، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، فإن هذه المبادرات وغيرها تشكل ضمانة لتوظيف التقنيات والعلوم المتقدمة.

وتأتي قرارات إنشاء وزارة للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ودمج هيئة المواصفات والمقاييس معها (بما يمكّن من الأخذ بأفضل المعايير العالمية وتطبيقها بشكل آني)، ونقل وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة لتكون تحت مظلة الوزارة المستحدثة، وتعيين وزير يترأس كلية محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (وأسهم في تطوير وإطلاق أول برنامج للمحتوى المحلي وغيرها من الإنجازات)، يجعلنا ندرك ما يراه قادتنا ويطمحون إليه، لنتطلع لقفزات تدعم تبني وترسيخ صناعات وابتكارات صناعية متقدمة.

إن إجراء تحديث نوعي للسياسات والقوانين التي تخص الابتكار، والأخذ بأفضل الممارسات العالمية في تفعيل هذه السياسات في الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم، وصولاً إلى «مئوية الإمارات 2071»، هو أحد التحديات وفرص التحسين التي قد تتشعب لحوكمة صرف الـ1% من الميزانية التي خصصها مجلس الوزراء للابتكار، لضمان توجيهها لتوطين هذه التقنيات وتطبيقاتها، وتمكين مبادرة «جائزة الإمارات لمصنع المستقبل 4.0»، التي يجب أن تتضمن امتيازات للشركات والمصانع التي تتحول إلى التقنيات الصناعية المتقدمة، وتدعم المحتوى المحلي عبر إطلاق نسخة اتحادية من برنامج أبوظبي للمحتوى المحلي.

فاستغلال تقنيات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، أصبح ركيزة وجود من حيث جودة المنتج والإنتاجية، وصولاً إلى تقليل التكاليف التشغيلية والتنافسية على حصص السوق.

إن الخروج بمبادرات نوعية تعزز الابتكار، وتحفز رواد الأعمال على التوجه لتطوير تطبيقات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة محلياً، مسألة مهمة وأساسية لتوطين وترسيخ اقتصاد المعرفة، وتحولنا إلى دولة مصدرة للتقنيات، تمهيداً لما دعا إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، من احتفال بآخر برميل للنفط في المستقبل غير البعيد، لتصبح التقنيات متوشحة بوسام الفخر «صُنِعَ في الإمارات».

مستشار إداري داخلي غير مقيم في مركز الإمارات للمعرفة والاستشارات بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.

تويتر