5 دقائق

حرائق حول المنطقة

عبدالله القمزي

دخلت الأزمة الليبية منعطفاً جديداً، والأخطر حتى اللحظة في آخر عامين. ما يغفل عنه كثيرون أنها مرتبطة بالأزمة السورية ارتباطاً وثيقاً، بسبب وجود اللاعبين أنفسهم. تركيا وروسيا موجودتان في سوريا وليبيا.

أميركا موجودة في سورية والعراق، ودخلت مصر، الأسبوع الماضي، على خط الأزمة لحماية أمنها القومي في مواجهة تقدم ميليشيات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا ومرتزقتها.

تريد تركيا التمدد في المنطقة العربية مجدداً، وهو تحدٍّ وتهديد للدول العربية والأوروبية. سيطرت تركيا، حتى الآن، على المياه بينها وبين ليبيا، ضاربة بمصالح حلفائها في «الناتو» عرض الحائط، وتريد السيطرة على الهلال النفطي شرق سرت، والتوغل بشكل أعمق في الأراضي الليبية.

فرنسا الغاضبة من أفعال تركيا، قالت إن من الصعوبة فعل شيء من دون مساعدة أميركية، وهذه المساعدة لن تأتي قبل الانتخابات وقد لا تأتي أبداً.

لكن واشنطن في مأزق، لأنها مشغولة بانتخابات على بعد خمسة أشهر فقط، واحتجاجات تكاد تمزق نسيج المجتمع الأميركي من جهة، ووباء يجتاح ولاياتها من جهة أخرى، ولا تريد التورط في حروب خارجية، خصوصاً في الشرق الأوسط. في الوقت نفسه واشنطن لا تريد خسارة الحليف المصري لأهمية دوره في عملية الاستقرار بالمنطقة، ولديها مصالح مع تركيا الحليف الآخر في «الناتو».

تقصف تركيا الأكراد شمال العراق، وإيران تقصفهم من جهة أخرى، بغداد أغارت على ميليشيات «حزب الله العراقي» وسط حوار استراتيجي مع الولايات المتحدة. تقصف إسرائيل مواقع في سورية، وروسيا تواجه تركيا في ليبيا، بينما أميركا وفرنسا وإيطاليا تتفرج على المعارك، ودمرت السعودية صواريخ أطلقتها ميليشيات الحوثي الإرهابية.

في تصريحات للصحافة الأوروبية قالت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إن قيادة أميركا العالم لم تعد أمراً مفروغاً منه، ويجب على العالم إعادة ترتيب الأوليات بما يتناسب مع المرحلة المقبلة. لو أرادت واشنطن الانسحاب من دورها القيادي بمحض إرادتها فيجب علينا التفكير في الموضوع بعمق.

وأضافت ميركل: «نحن ملتزمون بعلاقات الدفاع عبر الأطلسي، وبمظلتنا النووية المشتركة، لكن يجب على أوروبا تحمل مزيد من الأعباء أكثر مما كان عليه الوضع أيام الحرب الباردة».

لا تنكر ميركل أن إسهامات برلين في مجال الدفاع أقل مما تطلبه واشنطن، ولا تنكر أن عتب واشنطن كان موجوداً حتى في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، ولا تنكر ميركل، التي أتت من شرق الستار الحديدي، أنها ألقت خطاباً أمام الكونغرس عام 2009، شكرت فيه واشنطن على دورها في سقوط جدار برلين وحصول ألمانيا الشرقية آنذاك على الحرية.

تصريحات ميركل لا تتوافق مع تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي طالب باستقلال ذاتي استراتيجي، أو القدرة على الدفاع عن القارة من دون الاعتماد على واشنطن، خصوصاً بعد وصفه «الناتو» بالميت سريرياً في نوفمبر 2019.

بالعربي: المنطقة العربية محاطة بحرائق بسبب عزوف واشنطن عن دورها في حفظ التوازنات وانشغالها بالداخل. تسيطر تركيا على منطقة شاسعة تمتد من شمال العراق وتضم إدلب، وصولاً إلى ليبيا عبر البحر، وسط منافسة روسية. أما واشنطن فتريد الانسحاب ببطء وتكتفي ببعض النفوذ في شرق سورية والعراق.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 


تريد تركيا التمدد في المنطقة العربية مجدداً، وهو تحدٍّ وتهديد للدول العربية والأوروبية.

تويتر