كـل يــوم

مأساة الانجراف في الأودية.. لابد أن تتوقف!

سامي الريامي

ثلاثة بلاغات تلقتها شرطة الشارقة، في أوقات مختلفة أول من أمس، جميعها من وادي الحلو، الأول حول انجراف سيارة تحمل ثلاثة شباب مواطنين، أثناء دخولهم الوادي، وتمكنت فرق الاختصاص من العثور على أحد الشباب الثلاثة في اليوم الأول، بينما عثرت على الشابين الآخرين في اليوم التالي بعد أن فارقا الحياة.

والبلاغ الثاني يفيد بانجراف سيارة لعائلة مواطنة، مكونة من أب وثلاثة أبناء (بنت وولدان).

عثرت فرق البحث على أحد الولدين وهو بصحة جيدة، كما عثرت على الأب بعد عمليات بحث مضنية، بينما عثرت على البنت وقد فارقت الحياة، وعثرت في اليوم التالي على الابن الثاني وقد فارق الحياة أيضاً!

مؤسف، ومؤلم حقاً، ما يحدث عند الأودية حين تسقط الأمطار، حيث يصرّ البعض على تحويل الفرحة والبهجة إلى حزن وألم، ولأسباب تتكرّر باستمرار، في كل موسم تقريباً، أبرزها عدم أخذ الحيطة والحذر، وعدم التعامل بجدية مع مياه الأمطار المندفعة، والاقتراب من الأودية، أو الإصرار على عبورها بالسيارات، رغم جميع التنبيهات والتحذيرات التي تطلقها الجهات المختصة بشكل مستمر!

سألتُ أخاً عزيزاً، مهتماً بشؤون الأمطار، يتابعها ويلاحقها ويوثق هطولها باستمرار، بين الشعاب وفي الأودية والجبال، في كل مناطق الدولة تقريباً: أين تعتقد الخلل؟ هل التقصير من الجهات المختصة أم من الناس؟ ما الذي يحدث بالضبط؟ ولماذا هذه الحوادث وهذه الوفيات بشكل متكرّر؟

أجاب: لا أستطيع أن ألقي باللوم على الجهات المختصة، فالأمور واضحة للغاية، واللوحات التحذيرية والإرشادية في كل مكان، وهناك علامات واضحة بألوان معروفة، تمنع عبور الأودية نهائياً، إذا وصلت المياه إلى اللون الأحمر. كما أن الشرطة تقوم بإغلاق الطرق الخطرة، لحماية الأرواح والممتلكات، لكن ورغم كل تلك التحذيرات، إلا أن هناك فئة من الناس، خصوصاً العائلات، تصرّ على دخول الأودية من دون أن تكون لها أي خبرة أو دراية بطبيعة الأودية، وكميات المياه، وحركتها، ما يعني أنها تلقي بنفسها في خطر حقيقي ومباغت، حيث تعتقد أن المياه الخفيفة التي تتكوّن في بداية سقوط الأمطار هي كل شيء، لذا تجدها تستهين بحركتها الهادئة، فتتعمق في الوادي، ثم تفاجئها كميات المياه المنهمرة من رؤوس الجبال والأماكن المرتفعة، لتجد نفسها عالقة، لا تستطيع التقدم أو الرجوع، وهنا تكمن المأساة.. حيث تجرفها المياه بقوة!

لذا من الواضح جداً أنه لا يمكن التعويل على وعي الجميع، وقدرتهم على استشعار الخطر، كما أن من الضروري، إذا أردنا تجنب هذه المآسي، العمل على تشديد الإجراءات والقوانين في فترة سقوط الأمطار الشديدة، لا أن نكتفي أبداً بلوحات إرشادية في مواقع الأودية الخطرة.

لابد من بدء التحذيرات قبل هطول الأمطار الغزيرة، وإرسالها على الهواتف المتحركة، تماماً كتلك التنبيهات الخاصة ببدء برنامج التعقيم الوطني، هذه التنبيهات يجب أن تكون بلغة مشدّدة، تحذّر من دخول أماكن الشعاب والأودية، وتأمر الموجودين فيها بالمغادرة الفورية، إضافة إلى ضرورة تشدّد شرطة المناطق الجبلية مع العائلات والسيارات، ومنعهما نهائياً من عبور بعض الطرق عند جريان الأودية. ويمكن كذلك إنشاء جسر يقطع الشارع العام في منطقة وادي الحلو تحديداً، لأن الوضع الحالي يجعل الحركة المرورية مرتبكة، ولا يمكن لأحد أن يعبر الطريق في حالة جريان الوادي، ما يؤدي إلى لجوء أصحاب المركبات إلى البحث عن طرق بديلة بين الأودية والشعاب!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر