5 دقائق

نحل وفراش

الدكتور علاء جراد

«لدي أشياء كثيرة للقيام بها، لكن لا أدري من أين أبدأ»، «لقد فقدت اهتمامي بالموضوع، مع أني كنت أعتقد أنه أحب شيء إليَّ»، «أشعر بالملل بمجرد أن أتعلم كيفية تنفيذ المهام»، «على الرغم من أن لدي الوقت الآن لإنهاء المهام العالقة، لكن لا أجد لدي الطاقة الكافية»، «لقد فعلت ذلك من قبل، لا يمكنني القيام بشيء مرتين»، «أستمر في تغيير رأيي حول ما أريد القيام به، وينتهي بي الأمر بعدم القيام بأي شيء»، هل ينطبق أي من الجمل السابقة عليك؟ اطمئن، فلست وحدك من يمر بذلك، ولكن الأخبار الجيدة أنه ليس هناك خطأ في هذا، طالمنا فهمنا طبيعة شخصيتنا وأسلوبنا في اختيار وتنفيذ المهام.

لقد استنبطت فكرة المقال من أحد حواراتي مع مشرفتي على الدكتوراه في عام 2006، حيث كنا نحاول تفسير كيف يتصرف البشر وفقاً لنمطهم، واتفقنا على أن هناك نمطين من البشر، نمط يشبه النحل، ونمط يشبه الفراش، فما الفارق بين النحل والفراش؟ وهل هذا التصنيف هو إما هذا أو ذاك، أم أن الإنسان يمكن أن يتسم بالسمتين، ويختار أن يكون إما نحلة أو فراشة حسب السياق؟ سأحاول مشاركة رأيي، ويسعدني معرفة آرائكم أيضاً. الفارق الرئيس بين النحل والفراش أن الأول يعمل ويسير وفق طريق محدد ومرسوم، وكل تركيزه في مهمة محددة يقوم بها كل يوم دون كلل أو ملل، وهي التنقل بتركيز بين الزهور بحثاً عن الرحيق الذي ينقله إلى الخلية، ليقوم كل عضو في الفريق باختصاصه في تحويل الرحيق إلى عسل، وبالطبع يقدم النحل فائدة جليلة للبشرية، بخلاف العسل، ألا وهي الإسهام في إتمام التلقيح في النباتات والأشجار، ولولا ذلك لاختلت السلسلة الغذائية والنظام البيئي بالكامل. أما الفراش فإنه يتنقل بين جميع الأزهار، وما إن يقف ثواني معدودان حتى يعاود الانتقال إلى زهرة أخرى، ويبدو الفراش أسعد وأجمل من النحل، لأنه ربما يستمتع أكثر بالحياة من دون روتين العمل اليومي لدى النحل.

ربما ليس لدى الإنسان الخيار ليقرر متى يكون نحلة ومتى يكون فراشة، ولكن في اعتقادي أنه يمكن تعلم ذلك إذا دعت الحاجة، خصوصاً لدى رواد الأعمال، ومن لديهم مساحة أكبر في حرية الاختيار، فالبعض لديه دائماً شهية مفتوحة لتجربة أشياء جديدة طوال الوقت، والبعض الآخر تقتصر شهيته على نوع واحد من العمل أو المنتجات، ويبذل فيه كل طاقاته، ولكل مزايا وعيوب، ولكن الفكرة تنطبق على الكثير في حياتنا اليومية، حتى في اختيار الكتب والملابس.. وللحديث بقية.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .


ربما ليس لدى الإنسان الخيار ليقرر متى يكون نحلة ومتى يكون فراشة، ولكن في اعتقادي أنه يمكن تعلم ذلك إذا دعت الحاجة.

تويتر