كـل يــوم

قطاع منتجات الألبان.. هل نلتفت إليه مستقبلاً؟!

سامي الريامي

الاهتمام بالأمن الغذائي لم يعد خياراً أو ترفاً، بل هو مسار إلزامي وضرورة قصوى، هذا ربما يكون الدرس الأهم والأول من انتشار فيروس كورونا المستجد، وهذا هو ما دفع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، إلى التوجيه بعمل استراتيجية وطنية لما بعد أزمة «كورونا»، ترتكز على وضع آليات عمل جديدة في القطاعات كافة، من أهمها الأمن الغذائي.

هذه الآليات الجديدة يجب أن تكون هدفاً لكل الوزارات الاتحادية، والدوائر المحلية، فعليها تقع مسؤولية إعادة النصاب إلى كثير من القرارات والقوانين والتشريعات حتى تتلاءم وتتواكب مع التوجهات الجديدة، ومرحلة العمل الجديدة، مرحلة ما بعد «كورونا»، خصوصاً في مجال الأمن الغذائي.

تحدثت في مقالات سابقة عن قطاع الزراعة والإنتاج الزراعي، واليوم أستكمل الحديث عن قطاع آخر مهم وحيوي، قطاع يخرج علينا بمنتجات يومية، لا يستغني عنها أحد، مواطناً كان أم مقيماً، صغيراً كان أم كبيراً، وفي كل منزل، هو قطاع منتجات الألبان، وهو أيضاً دعامة أساسية من دعامات الأمن الغذائي، كما أنه مثل غيره من قطاعات الإنتاج الغذائي، يحمل كثيراً من الفرص الواعدة، لكنه يعاني تحديات ومشكلات تحتاج بدورها إلى تدخل حكومي، وسياسات جديدة، وإعادة صياغة شاملة برؤية جديدة، رؤية ما بعد «كورونا».

مزارع الألبان في الإمارات تستحوذ حالياً على ما يقارب الـ55% من احتياجات السوق المحلية، وبالتأكيد هي تستطيع زيادة إنتاجها، ولديها القدرة على تغطية نسبة أكبر من ذلك بكثير، لكن ظروف السوق لا تساعدها، ومشكلتها الرئيسة تكمن في عدم وجود حماية لها من المنافسة الخارجية، وعند مقارنة كلفة إنتاج الألبان ومشتقاتها في الإمارات، مع بقية الدول الأخرى، نجد أن الفرق ليس في مصلحة مزارعنا، لذلك فهي لن تتمكن أبداً من المنافسة، ولن تحصل على حصة أكبر في السوق المحلية!

من الأمور الغريبة التي تحتاج إلى إعادة نظر، وهي سبب مباشر في رفع كلفة منتجي الألبان بالدولة، تصنيف ترخيص نشاطهم تحت فئة «النشاط الصناعي»، وبذلك تتم معاملتهم وفقاً لهذا التصنيف، تماماً كما تعامل المصانع من حيث الرسوم المستوفاة، ومن حيث التعرفة الكهربائية، وكل ما له علاقة بتعدد أشكال وأنواع الرسوم والمعاملات، وهي جميعها أعلى بكثير من الرخص الزراعية، في حين أن هذا القطاع لا يمكن اعتباره قطاعاً صناعياً، بل هو قطاع غذائي بامتياز، وهو أحد أهم قطاعات الأمن الغذائي بشكل عام، وهو أحد أهم القطاعات التي تحتاج إلى دعم مباشر من الحكومة!

التحديات التي يواجهها منتجو الألبان كثيرة ومتعددة، فهم لا تنقصهم التقنيات، ولا تنقصهم الكفاءات، ولدينا مزارع ومنتجات ألبان متطورة جداً، وضخمة جداً، وتحتوي على إمكانات تقنية وبشرية عالية، ولديها قدرة إنتاجية عالية، لكنها كذلك تصطدم بواقع صعب، حيث سوق لا ترحم، ومنافسة شرسة، وتكاليف تشغيلية عالية، وأحياناً منتجات عالية الجودة لا تصل إلى المستهلك النهائي لأسباب مختلفة.

هم أيضاً يحتاجون الحماية، ويحتاجون الدعم المباشر، يحتاجون الأعلاف بأسعار مقبولة، ويحتاجون خططاً واستراتيجيات تنظم عملهم، ويحتاجون نوافذ تسويقية تساعدهم على تصريف منتجاتهم، فهل تشهد المرحلة المقبلة، مرحلة ما بعد «كورونا»، اهتماماً بقطاع منتجات الألبان في الدولة حتى نصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر