كـل يــوم

هل كل ذلك كان صدفة؟!

سامي الريامي

كثيرون هم من توقعوا حدوث «الوباء»، أشهرهم الملياردير الأميركي، بيل غيتس، الذي قال قبل خمس سنوات تقريباً: «إذا كان هناك شيء سيقتل أكثر من 10 ملايين شخص، خلال العقود القليلة المقبلة، فإنه من المرجح أن يكون فيروساً معدياً جداً!».

وقبله بأعوام، في عام 2003، كتب العالم البريطاني، مارتن ريس، في كتابه «ساعتنا الأخيرة»: «راهنت على 1000 دولار أنه بحلول عام 2020، سيقع إرهاب أو خطأ بيولوجي، يؤدي إلى قتل مليون إنسان». ومثله توقعت الكاتبة والمعالجة النفسية الأميركية، سيلفيا براون، أنه «بحلول عام 2020 سيظهر مرض شبيه بالالتهاب الرئوي، يلف الكرة الأرضية كلها بسرعة، ويقاوم المضادات المعروفة!».

قد يكون الأمر مجرد صدفة، كما هي الحال في كثير من التوقعات، ولن أخالف أبداً من يعتقد ذلك، لكن لابد من الاعتراف بأن هناك كثيراً من الشكوك والغموض حول فيروس «كورونا»، لذلك فكل الاحتمالات ستظل قائمة، لأنه لا أحد يستطيع الجزم بأن انتشار المرض كان طبيعياً، كما لا يستطيع أحد الجزم بأن الفيروس طوّر نفسه بنفسه، لكي يصل إلى هذا المستوى من الشراسة!

شخصياً لست مع نظرية المؤامرة، لكن ما نشاهده يومياً يجعلنا لا نستطيع فهم ما يجري في العالم، خصوصاً بعد الاطلاع على الجدل الشديد، الظاهر على شكل تعليقات عبر «تويتر»، لأشخاص من الولايات المتحدة ودول العالم، والذي بدأ قبل أسابيع عدة، يتناول تمرين «Event 201»، الذي عقد في نيويورك بتاريخ 18 أكتوبر 2019، والذي كان عبارة عن محاكاة عملية لمواجهة تداعيات انتشار فيروس «تاجي - كورونا» سريع العدوى، يصيب رئتَي الإنسان، وتنتج عنه وفيات بالملايين!

هذا التمرين شاركت فيه شخصيات أميركية وعالمية مهمة، وتدور الاتهامات حول أن هذا التمرين تضمن سيناريوهات شبه متطابقة، وبأدق التفاصيل، لتسلسل الأحداث والإجراءات التي يشهدها العالم حالياً، جراء انتشار «كورونا»، مثل كيفية انتشار المرض، وإحصاءات المصابين والوفيات، وتساءلت بعض التعليقات: هل كان هذا تمريناً عادياً أم خطة استباقية؟

تفاصيل جلسات التمرين مذهلة، إذ إنهم ناقشوا ووصفوا تماماً ما يحدث اليوم، ليس كتوقعات، بل كواقع حقيقي، وتضمنت المناقشات المطولة ظهور مشكلات في القطاع الطبي، مثل نقص في استيعاب المستشفيات للمصابين بالفيروس، ومواد طبية مثل القفازات والكمامات، ومشكلات اقتصادية مثل الإغلاق التام للمرافق كافة عبر العالم، وتضرر قطاعات الأعمال، والطيران والسفر، والأسهم، كما تخللته أيضاً نشرات إخبارية تمثيلية تحاكي ما قد تكون عليه التغطية الإخبارية لمثل هذه الأزمة، وقد أطلق على مجموعة المشاركين في التمرين «مجلس طوارئ مواجهة الجائحة»، وكانت مهمة المجلس الطارئ لمواجهة الجائحة تتمثل في تقديم توصيات للتعامل مع التحديات العالمية الكبرى لمواجهة الجائحة المتفشية!

وغطى التمرين، الذي استمر نحو ثلاث ساعات، أربعة محاور رئيسة، وباختصار في كل محور من هذه المحاور وصف تحليلي مفصل عن كل ما يجري حالياً في هذه القطاعات!

ففي أعراض المرض، أكد التمرين أنها تراوح بين إنفلونزا بسيطة، والتهاب رئوي حاد، ولا يتوقع تطوير لقاح للشفاء منه في المستقبل المنظور، كما أن الأدوية المستخدمة حالياً في علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة، ربما تساعد في علاج المرض، لكن لا يتم تصنيعها لعلاج الكثير من الناس، فمن أين سنحصل على كميات الدواء التي نحتاج إليها، خصوصاً مع نقص المستلزمات الطبية، من محاليل ملحية، ومضادات حيوية، وقيام دول وشركات بتخزين المستلزمات الطبية، بما يربك سلاسل إمداد مستلزمات الرعاية الصحية ويُحدث نقصاً في أجزاء عدة من العالم؟!

هذه أسئلة أراها مشروعة ليس من قبيل التشكيك في أحد أو جهة ما، لكن بهدف إمعان التفكير واستخلاص النتائج.

فهل تعتقدون أن هذا التمرين كان صدفة؟ أم أنه استشراف مستقبل، أم أن العقل البشري وصل إلى درجة من الذكاء والموهبة والعلم والتقنية، تجعله متمكناً لهذه الدرجة من كتابة المستقبل، تماماً كما يكتب التاريخ!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر