كـل يــوم

معلومات ما قبل الوباء تختلف عن اليوم.. ما الغريب في ذلك؟!

سامي الريامي

في العاشر من مارس الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن اعتبار فيروس كورونا المستجد جائحة، وبذلك الإعلان تغيرت الإجراءات والتعليمات والمعلومات التي كانت تصدرها المنظمة، والمعلومات التي كانت بحوزة الأطباء والخبراء والمختصين، وبذلك كل ما كان مسموحاً به قبل الإعلان أصبح ممنوعاً بشدة بعده، وجميع المعلومات التي كانت تخفف وتهون من درجة تأثير وانتشار الفيروس تحولت لتصبح جزءاً من الماضي، وحلّ محلها التشديد والتخويف من خطورته وطريقة وسرعة انتشاره.

بدأنا نسمع بعد إعلان «كورونا» جائحة، عن ضرورة التباعد الجسدي والاجتماعي، وضرورة ارتداء الكمامات، وقبل الإعلان لم يكن أحد ينصح بارتداء الكمامات إلا للمرضى، كذلك شاهدنا الطائرات تقف في المطارات، بعد أن كان السفر مسموحاً به قبل الإعلان بأيام عدة، وأصبح التشدد في كل الإجراءات، بل والحظر التام، وضرورة الجلوس في المنازل أصبحت أهم الأولويات، وأفضل طرق النجاة من الفيروس، فهل كان أحد يتوقع ذلك في شهر يناير أو فبراير، قبل أن يتحول «كورونا» إلى وباء يجتاح العالم؟!

لذا من الطبيعي جداً أن تتغير نبرات لغات التعامل مع المرض، قبل الإعلان وبعده، وأن تتغير إجراءات الدول أيضاً قبل الإعلان وبعده، وأن تتغير حتى خطابات رؤساء الدول، وإجراءات الحكومات الاحترازية، لتتصاعد في التشديد، وتلغي كل الإجراءات السابقة التي كانت مبنية على المعلومات الأولية لمدى انتشار فيروس «كورونا».

أمر طبيعي للغاية، ليس في ذلك تناقض، أو تضليل، فلكل وقت ظروفه وإجراءاته، ولا يمكن فصل الإجراءات والمعلومات عن التوقيت الزمني لهما، هذا هو الخطأ الذي ارتكبه بعضهم عند طرح مقالين لي عن كيفية التعامل مع فيروس كورونا، كل منهما يحمل وقتاً وتاريخاً مختلفين، ولكل فترة زمنية معلومات مختلفة، وتعليمات مختلفة، لم أضلل بها أحداً، لأنها مبنية على معلومات طبية من مصادر رسمية موثوقة ومعروفة، جميعها صحيح رغم الاختلاف الكبير بينها، لِمَ لا؟ فهي مرتبطة بفترة زمنية واضحة ومحددة، وما كان يصلح في تلك الفترة بالتأكيد لن يصلح في فترة ما بعد تشديدات الأطباء ومنظمة الصحة العالمية والجهات الرسمية في الدولة، بناء على مستجدات المرض، والاكتشافات الجديدة المرتبطة بالفيروس.

لم أكن أريد الخوض في ذلك، لكني وجدت نفسي مضطراً للتوضيح، بعد أن انتشرت المقارنة غير العادلة ولا المنطقية كثيراً، خصوصاً أن كثيراً من الناس ربما لم يقرأ المقالين في توقيتهما الصحيح، لذا لا مانع من التوضيح، فما طالبت به في المقال المنشور في فبراير من ضرورة عدم المبالغة والتهويل من خطورة الفيروس، وعدم ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، عندما كان الفيروس محدود الانتشار، ولم يضرب العالم بقوة، ولم تصلنا حينها إلا حالات بسيطة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بالتأكيد لا يصلح اليوم ونحن في شهر أبريل، وفي وقت ذروة انتشار الفيروس، وثبوت خطورته، وتراجع جميع الدول والمنظمات عن تصريحاتها السابقة، واتجاهها إلى التشديد على خطورة الفيروس.

كنت أعتقد أن ذلك أمر بديهي، ولا يمكن أن يتسبب في أي لبس، لأن الأمر واضح لكل من تتبع أخبار هذا الفيروس والمعلومات الواردة عنه، ولكن مع ذلك هناك من لم يتفهم ذلك!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر