كـل يــوم

أسئلة حول الانكشاف «الأخير»!

سامي الريامي

هي ليست سابقة، وهو ليس الانكشاف الأول من نوعه، حدث ذلك في واقعة شبيهة لمستثمر هندي في عام 2002، وحدثت واقعة أخرى في عام 2018، والأيام مازالت تعيد نفسها، ومازال المجتمع والاقتصاد الوطني والنظام المصرفي يُصدم بقضايا جديدة، رغم وجود فارق بين اليوم والأمس، ورغم وجود نظام إلكتروني قوي، ووجود ربط بالأنظمة يُظهر كل شاردة وواردة!

قضية انكشافات «إن إم سي» تطرح العديد من الأسئلة الحرجة، وعلى الرغم من ثقتنا المطلقة بقدرة جهازنا المصرفي على التعامل مع هذا الانكشاف والخروج منه بأقل الخسائر، بما يتمتع به من ملاءة عالية، وما يمتلكه من مصدات مالية، كفيلة بتجاوز مثل هذه المشكلات، فإننا نتحدث عن مليارات الدراهم، فهل قامت البنوك بواجباتها الأساسية والبديهية حتى لا تقع في مثل هذه الورطة، وهل تم الاستعلام الائتماني عن وضع المجموعة من قبل البنوك المقرضة، وهل أخذت الضمانات الكافية قبل منح هذه القروض، أم أن منح التمويل تمت فقط اعتماداً على الاسم، وأشياء أخرى قد نجهلها؟!

أين مجالس إدارات البنوك، وهل وافقت هذه المجالس على تمويلات بهذه المبالغ الضخمة، بناء على الاسم أيضاً دون التأكد من كافة الأمور المتعلقة بضمان وجود أصول كافية؟ إذا كان هذا ما حدث فهذه كارثة حقيقية، خاصة أننا نشهد لمعظم مجالس إدارات البنوك بقوتهم وتمكنهم، وحرصهم الشديد على أموال البنك والمصلحة العامة، ولا نشكك في ذلك أبداً، لكن ما حدث أمر غريب حقاً يدعو للدهشة والغصة في وقت واحد!

بالتأكيد هي مسؤولية مباشرة لإدارات المخاطر في هذه البنوك، فأين هي مما حدث، اسألوا الشركات الوطنية الصغيرة، كيف تتعامل معهم هذه الإدارات، وكيف تتشدد معهم لأبعد الحدود، بل وتمنحهم التمويل بأسعار مرتفعة، أين شروطهم وتشددهم من هذه المجموعة، وكم هو عدد الشركات الوطنية الصغيرة التي كان من الممكن أن تستفيد من هذه المليارات التي قدمت لتلك المجموعة، هل لنا أن نتخيل العدد؟!

صحيح أن هناك أكثر من 91 جهة مقرضة للمجموعة، لكن النسبة الأكبر كانت جهات وبنوكاً محلية، ونحن هنا نمتلك أنظمة إلكترونية، وربطاً بين البنوك والمصرف المركزي، والمعلومات الائتمانية كفيلة بإظهار الوضع الائتماني لأي عميل لو قامت إدارات المخاطر بهذه البنوك بدورها كما يجب!

بعد هذه الصدمة، أعتقد أن الوقت قد حان لتوطين إدارات المخاطر في البنوك بشكل إجباري على شكل قرار ملزم من المصرف المركزي، إنها خدمة وطنية في المقام الأول، وحماية لأموال الدولة من ممارسات تكررت سابقاً، ولا أحد يضمن عدم تكرارها مستقبلاً، ممارسات من أشخاص لا يملكون حس الانتماء لمؤسساتهم ولهذا الوطن، ولا يملكون الأمانة الوظيفية، وبسبب هذه الممارسات تضررت سمعة هذا القطاع الحيوي المهم، وتضرر اقتصاد الدولة، وخسرنا مليارات الدراهم، لن يكون هناك أحد أحرص على أموال الدولة من أبنائها، فلنمنحهم هذه الفرصة، خاصة أن هناك كفاءات وطنية تستطيع شغل هذا المنصب، لكنها تسربت من هذا القطاع خاصة عقب الاندماجات الكثيرة التي حصلت أخيراً بين البنوك، والآن حان الوقت لإرجاع هؤلاء المواطنين والاعتماد عليهم.

نعم لقد أسهمت الاندماجات بين البنوك في إنهاء مستقبل كفاءات مواطنة، كان لابد من المحافظة عليهم، ومنحهم الفرصة ليشغلوا كافة وظائف إدارات المخاطر في البنوك، لذا لابد من إعادة استقطابهم بسرعة، فهذا الأمر أصبح لا يحتمل التأخير!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر