كـل يــوم

طريقتان لابد منهما لإيقاف «كورونا»

سامي الريامي

يعاني القطاع الصحي في الدولة حالياً ضغطاً شديداً بسبب فيروس كورونا، ومن الواضح أننا دخلنا مرحلة جديدة من انتشار هذا الوباء، وهو أمر طبيعي ومتوقع، فالحالات الحالية والقادمة هم المخالطون غير المعروفين للمرضى، والذين أصيبوا بالفيروس دون أن يدركوا ذلك، ومن دون أن تظهر عليهم أعراض المرض، هؤلاء بدورهم نقلوا العدوى لغيرهم وهكذا، وجاء الوقت حالياً لتظهر عليهم الأعراض، لذا من المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة ارتفاعات في أعداد المصابين، ما يزيد الضغط أكثر على خط دفاعنا الأول.

في هذه المرحلة نحتاج بشدة إلى أمرين في غاية الأهمية: أولهما هو ما تقوم به الدولة حالياً من إجراءات وقرارات لتقييد حركة الناس، وإلزامهم بيوتهم قدر المستطاع، وذلك من أجل تقليل الإصابات الجديدة، وإبطاء حركة انتشار الفيروس، وتالياً كسب المزيد من الوقت من أجل إعطاء القطاع الصحي فرصة لالتقاط الأنفاس، والتعامل مع الحالات الموجودة دون ضغط كبير من حالات جديدة.

القرارات والإجراءات السابقة كانت مفيدة وجيدة، لكننا بالتأكيد نحتاج إلى إجراءات أكبر وأشد في المرحلة المقبلة، لأنها مرحلة حاسمة وتحتاج إلى تقييد أكثر، وصبر أكثر، وإلزام الناس بالبقاء في بيوتهم لأطول فترة ممكنة، خصوصاً أن السلسلة الزمنية لفيروس كورونا محدودة ومعروفة، تبدأ من انتشار الناس واحتكاكهم ببعضهم بعضاً، والخروج من المنازل بأعداد كبيرة، يقابلها تلقائياً سرعة انتشار الفيروس وزيادة أعداد المصابين، وزيادة أعداد المصابين تؤدي إلى نقص الخدمات الطبية التي يحتاجها المتضررون من هذا الفيروس، وهذا النقص يقود تلقائياً إلى زيادة نسبة الوفيات، هذه السلسلة واضحة للعيان، شاهدناها بوضوح في دول عديدة، لذا فالخيار الأمثل هو زيادة إجراءات تقييد حركة الناس، وإلزامهم بالبقاء في منازلهم.

الأمر الثاني الذي نحتاجه بشدة حالياً هو إنشاء فرق عمل لدراسة وتحليل وضع الفيروس في الإمارات، صحيح أن العالم يعج حالياً بالدراسات والتقارير والمعلومات الطبية عن هذا الوباء، إلا أن جميعها دراسات عالمية تخص دولاً أخرى، قد لا تشبهنا ولا نشبهها في تركيبتنا ونسيجنا الاجتماعي والوضع الديموغرافي.

لذا فنحن نحتاج إلى دراسات مكثفة حول وضع الفيروس، وأعمار المصابين، وكيفية تعافيهم، وما هو الوضع الأفضل لهم، وما هي الطريقة المثلى للتعامل مع المصابين ونوعياتهم، وكل المعلومات الأخرى الخاصة بفيروس كورونا في الإمارات فقط، وبجمع هذه المعلومات وتحليلها بشكل دوري من قبل الأطباء والمختصين، نستطيع وضع الآلية المناسبة للتعامل مع المصابين دون أن نعرّض نظامنا الصحي لخطر الانهيار، فمن الواضح جداً أنه ليس كل مصاب «كورونا» يحتاج إلى أن يُنقل إلى المستشفى، وليس كل مريض في المستشفى يحتاج إلى غرفة منفردة، لكن لسنا نحن من يحدد ذلك، لابد من فرق عمل طبية وعلمية تبحث وتجمع معلومات وتحلل، ثم تصدر قرارات طبية مناسبة لوضع الدولة، بحيث نتحاشى ونتجنب الخطر الأكبر من تفشي «كورونا»، وهو انهيار النظام الصحي.

نحتاج إلى هذين الأمرين سريعاً، فسرعة تفشي الفيروس رهيبة ومخيفة وأقلقت العالم بأسره، وكل تأخير ليس في صالحنا، والتجارب الإيجابية المفيدة موجودة في دول عديدة، مثل الصين وكوريا الجنوبية وغيرهما، استطاعوا الحد من انتشار الفيروس، واستطاعوا محاصرته، وتقليل أعداد الإصابات الجديدة بنسبة عالية جداً، لم يستخدموا لقاحاً، ولا يملكون علاجاً، لكنهم استخدموا هاتين الطريقتين بشكل متوازٍ وسريع جداً: قرارات ملزمة للناس بعدم الخروج، ودراسات تحليلية مكثفة حول الفيروس.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر