5 دقائق

الكوادر المحلية في ميزان تحديات المناصب

جمال الشحي

هل يمثل المنصب الرفيع تحدياً أخلاقياً لأصحاب الكفاءات؟ نتابع أحياناً الصعود السريع للكفاءات المحلية في عالم الإدارة والأعمال، ومع هذه الفرصة تتولد التزامات كبيرة ومسؤوليات إدارية وتحديات أخلاقية بالدرجة الأولى. تم منح عدد كبير من الكفاءات المحلية فرصة تولي المناصب القيادية وأثبتوا جدارتهم، رغم تجربتهم القصيرة وحداثة سيرتهم العملية، واستطاعوا تخطي كل الحواجز والاختبارات وأثبتوا أنهم جديرون بهذه المناصب، ومن خلال التدريب والمراقبة تأتي النتائج مرضية بل وتتفوق على التوقعات أحياناً.

هناك ظاهرة لافتة للنظر تحدث في بعض القطاعات والمؤسسات، هي أن الذين أعطوا الفرصة الصغيرة تمكنوا من القفز على كل المراحل في التدرج الوظيفي. وأحياناً يتم رفض إعطاء الفرصة للموظفين الذين ينتظرون دورهم، بحجة تعود إلى أسباب إدارية. وفي بعض الحالات، تتم الاستعانة بالكفاءات الأجنبية التي يحلم بها كثير من الموظفين الصغار الذين يعتقدون أن حصولهم على الفرص ذاتها قد يجعلهم يخوضون تحديات المستقبل. هذا هو حلمهم الكبير، لكنهم مازالوا على قائمة الانتظار. كان في السابق المدير الكبير هو الذي يمنح هذه الفرص إلا أن الأدوار تبدلت، وهذه هي سنّة الحياة.

هناك تفسيرات عديدة لموقف المدير الكبير، وقد سألت بعض المهتمين وأصحاب الخبرات الإدارية عن هذه الحالة، فقال لي أحدهم: ربما ينتج عن ذلك ما نطلق عليه صدمة المنصب، إذ رغم القفزات العالية في المناصب الرفيعة، يشعر ذلك الموظف في قرارة نفسه بأنه غير قادر على القفز! وهو شعور يقتل الإبداع داخله، وعندما يموت الإبداع، يبدأ التوجس من المبدعين المحيطين بك! وقال آخر: إن المسؤوليات الكبيرة تحتاج إلى متابعة مستمرة ومستشارين متمكنين يعطون النصح والمشورة بكل أمانه، لأن القرارات الفردية تهيمن عليها غالباً المشاعر الشخصية، وللأسف الشديد، لا يحصّن المسؤول نفسه بقوانين المؤسسة بل برغباته.

من المعروف أن المؤسسات الحديثة تحكمها أخلاقيات الأعمال وقواعد السلوك الصارمة، وأن مبدأ إعطاء الفرص لابد أن يخضع لقوانين واضحة من المؤسسة أو الشركة وليس لصكوك يمنحها المدير الكبير لمن يشاء وكيفما شاء.

قال لي أحد المسؤولين إن سوق العمل المحلي يتطور ويتضخم بوتيرة سريعة، وكثير من الموظفين لديهم أحلامهم وطموحاتهم ويلجأون إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين الذين وصلوا قبلهم، وأحياناً قد يتوافر منصب تخصصي جديد في أحد القطاعات ويكون هذا الموظف هو المرشح الوحيد لهذا المنصب، لكنه لا يملك المؤهلات اللازمة، لذا تضطر المؤسسة أو الشركة إلى الاستعانة بكفاءات خارجية كي لا يحصل أي خلل في ميزان العمل.

قلت له: هل من المعقول عدم توافر كفاءة محلية لشغل هذا المنصب؟

قال لي: لا توجد أحياناً للأسف الشديد.

قلت له: هل أخذتم في الحسبان تأهيل الموظف للمستقبل وتدريبه ليصبح جاهزاً في هذه المجالات المتخصصة أو ترقيته ليدير المكان أو على الأقل تجربته مؤقتاً حتى تتيقنوا من أدائه.

قال لي: يوجد لدينا نظام موارد بشرية لا يسمح، والوقت ليس بجانبنا.

قلت له: ماذا عنك أنت؟ أُعطيت الفرصة وأثبت جدارتك لماذا تحرم الآخرين من الأمل؟

قال لي: ذاك زمن مضى.

• المؤسسات الحديثة تحكمها أخلاقيات الأعمال وقواعد السلوك الصارمة.

jamal.alshehhi@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر