5 دقائق

قيادة المعاملات

الدكتور علاء جراد

هل صادفت مديراً يركز على فرض النظام في مكان العمل والتركيز على تحقيق النتائج فقط، يستخدم أسلوب الثواب والعقاب بكثرة، يقرّب منه الموظفين الذين ينجزون جيداً، ولا يهتم بهؤلاء ضعيفي الأداء، يفترض أن الموظفين لديهم الدافع والحافز للعمل، وبالتالي لا يشغل باله بعملية التحفيز والتشجيع، فكل ما يهمه الأرقام ونسب الإنجاز. يميل دائماً لإصدار الأوامر والتعليمات ولا يقبل النقاش، والطريقة الوحيدة للتعامل معه واتقاء عقابه هي إنجاز المهام بأسرع وقت وطاعة الأوامر، تشعر بأنه يصلح أكثر للحرب والقيادة العسكرية عن التعامل مع أشخاص في شركة أو دائرة حكومية. هذا النوع من القادة يسمى قائد المعاملات، ويتبع نموذج قيادة المعاملات أو transactional Leadership، وهو أسلوب عكس أسلوب القيادة التحولية الذي تناوله مقال الأسبوع الماضي.

هل هذا النموذج جيد أم لا؟ الإجابة النموذجية أنه لا يمكن الحكم على النموذج وحده دون أخذ سياق وبيئة العمل في الاعتبار، فكل نموذج يصلح لبيئة وظروف وثقافة دون الأخرى، ويصلح نموذج قيادة المعاملات أثناء الأزمات وفي المؤسسات العسكرية وفي الشركات الكبرى، فمثلاً شركة «إتش بي» من أكثر الشركات التي تطبق هذا النموذج، وقد تفاجأ إذا علمت أن «بيل غيتس»، مؤسس شركة «مايكروسوفت»، يطبق بصورة رئيسة هذا النموذج، وإن كان يستخدم في بعض الأحيان نموذج القيادة التحولية أيضاً، ومن أشهر القادة الذين اشتهروا بتبني هذا النموذج اللواء أركان حرب نورمان شوارزكوف، الذي قاد العمليات في حرب عاصفة الصحراء وخدم تحت قيادته عشرات الآلاف من الجنود (بحسب موقع جامعة سانت توماس)، وكذلك مدرب كرة القدم الأميركية الأشهر فينس لومباردي، الذي فاز بخمس بطولات، والذي أطلق اسمه على كأس السوبر بول، أهم حدث رياضي في الولايات المتحدة الأميركية.

أهم ما يميز هذا الأسلوب في القيادة هو التركيز على الأهداف قصيرة الأجل، والاهتمام الشديد بالسياسات والإجراءات، والإصرار على التقيد بالإجراءات، لا يقبل التغيير ولا يحبذ الرأي الآخر كثيراً. من أهم مزايا ذلك القائد مكافأة مرتفعي الأداء، وإعطاء تعليمات واضحة جداً دون غموض، والقدرة على إنجاز الأهداف بسرعة، كما أن طرق الثواب والعقاب واضحة ومعروفة للجميع، أما عيوب ذلك القائد فتتلخص في الاهتمام بالحوافز المادية فقط دون الحوافز المعنوية، ولا يوجد مجال للابتكار والإبداع، فالأهداف محددة ويجب تنفيذها فقط، لا يكافئ أو يقدر المبادرات الشخصية. إن فهم سمات وأسلوب القائد الذي نعمل معه يساعد على التكيف مع بيئة العمل، وبالتالي تجنب الإحباط، وبالطبع فالأفضل دائماً المزج بين أنواع مختلفة من القيادة حسب بيئة العمل.

• لا يمكن الحكم على النموذج وحده دون أخذ سياق وبيئة العمل في الاعتبار.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر