5 دقائق

القيادة

الدكتور علاء جراد

أعتقد أنه لم يحظَ موضوع بالدراسة والبحث والتجريب بقدر ما حظي به موضوع القيادة، ومع ذلك يظل هناك الجديد لاكتشافه وتعلمه حول هذا الموضوع الشائك والشيّق في الوقت نفسه، فلماذا يهتم العالم بهذا الموضوع وتفرد له الجامعات مجالاً بحثياً كبيراً، وتصدر مؤلفات جديدة يومياً حول القيادة، فكل عام يصدر تقريباً 2000 كتاب حول هذا الموضوع، ويعرض متجر «أمازون» وحده ما يزيد على 60 ألف كتاب يتعلق بالقيادة.

ربما يكمن السبب في أن القيادة تتعلق بالناس والتأثير في حياتهم، ومستقبل الأعمال والمؤسسات، ليس هذا فقط، بل الأمر يتعلق بالدول والأمم، فالتاريخ مملوء بقادة غيّروا مسار أممهم، وألهموا الملايين من بعدهم، مثل نيلسون مانديلا وابراهام لنكولن. وفي التاريخ القديم لدينا رمسيس الثاني والإسكندر الأكبر. وفي مجال الإدارة والأعمال، هناك مئات من القادة الذين أثروا في العالم بأساليبهم القيادية في مؤسساتهم، مثل بيل غيتس، وجاك ويلش، وستيف جوبز، وغيرهم.

من المهم للجميع فهم موضوع القيادة وأبعاده، لأننا، بصورة أو أخرى، قادة في مجال عملنا أو في محيط حياتنا الاجتماعية، وتؤثر تصرفاتنا في الآخرين، كما أننا نتأثر بتصرفات الآخرين وسلوكهم. وحتى يتسنى ذلك نحتاج إلى فهم ثلاثة مصطلحات، أولها «نماذج القيادة»، وهي مجموعة من أطر العمل التي خلصت إليها النظريات الإدارية ووضعت لها وصفاً واضحاً مدعوماً بممارسات معينة، فمثلاً هناك نموذج القيادة الديمقراطية، ونموذج القيادة الكاريزمية ويعتمد فيها القائد على كاريزمته، ونموذج القيادة التحولية التي تعيد بناء وتوجيه المؤسسة نحو رؤية مشتركة. المصطلح الثاني وهو «أنماط القيادة»، ويعنى بسلوك القادة وتصرفاتهم في محيط العمل، وتعتبر أنماط القيادة ضيقة النطاق مقارنة بنماذج القيادة التي هي أشمل وأعم، ومن أمثلة تلك الأنماط: القائد الأب الذي يتعامل مع التابعين له بروح الأبوة، ويشمل ذلك قناعته بأنه يفهم ما يفيدهم أكثر منهم، ويعتمد على احترامهم له، نمط آخر هو القائد الديكتاتور الذي يرى دائماً أنه على صواب. وتجدر الإشارة إلى أن هناك تشابهاً كبيراً بين الأنماط والنماذج، بل إن بعض الإصدارات تشير الى المصطلحين كمترادفين.

المصطلح الثالث هو «الفلسفة الإدارية»، وتعنى بفهم منظومة القيم لدى القادة وما الذي يدفعهم لتبني نموذج معين، حيث ترتبط فلسفة كل منا ونظرته للحياة بطريقة نشأته والقيم والمعتقدات التي يتبناها، وتلعب البيئة دوراً كبيراً في تشكيل وجدان وفلسفة كل منا، فمثلاً فلسفة القيادة الخادمة تنبع من القناعة بأن الدور الحقيقي للقائد هو تقديم الدعم ومساعدة كل فرد في المؤسسة انطلاقاً من المثل الدارج «سيد القوم خادمهم»، وللموضوع بقية.

«من المهم للجميع فهم موضوع القيادة وأبعاده، لأننا، بصورة أو أخرى، قادة في مجال عملنا أو في محيط حياتنا الاجتماعية».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر